مرّ، وَلما كَانَت الْجَائِحَة إِنَّمَا تُوضَع إِذا حصلت قبل انْتِهَاء الطّيب كَمَا قَالَ (خَ) إِن تناهت الثَّمَرَة فَلَا جَائِحَة الخ. نبه النَّاظِم على ذَلِك فَقَالَ: وَكُلُّهَا البَائِعُ ضَامِنٌ لَهَا إنْ كانَ مَا أُجِيحَ قَبْلَ الانْتِهَا (و) الثِّمَار (كلهَا البَائِع ضَامِن لَهَا وَإِن كَانَ مَا أجيح قبل الانتها) ، فمفهومه إِنَّه إِذا أجيحت بعده فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَظَاهره كظاهر (خَ) أَنَّهَا بانتهاء الطّيب تخرج من ضَمَان البَائِع وَإِن لم يمض من الزَّمَان مَا يُمكن قطعهَا فِيهِ وَهُوَ أحد أَقْوَال ثَلَاثَة. وَالثَّانِي حَتَّى يمْضِي ذَلِك، وَالثَّالِث حَتَّى يمْضِي ذَلِك ويمضي مَا يجْرِي الْعرف بِالتَّأْخِيرِ إِلَيْهِ، وَأَشَارَ إِلَى هَذَا الْخلاف ابْن عَرَفَة بقوله: فَفِي كَون ضَمَان الثَّمَرَة من مبتاعها بتناهي طيبها وَإِن لم يمض مَا يُمكنهُ فِيهِ جذها أَو بمضيها ثَالِثهَا بِمُضِيِّ ذَلِك وَمَا يجْرِي الْعرف بِالتَّأْخِيرِ إِلَيْهِ اه. وَهَذَا القَوْل هُوَ الْمُعْتَمد وَعَلِيهِ اقْتصر اللَّخْمِيّ فَقَالَ: وَكَذَلِكَ الْعِنَب إِن أجيح قبل أَن تستكمل عُسَيْلَته كَانَ ضَمَانه من البَائِع، وَإِن استكملها وَكَانَ بَقَاؤُهُ ليأخذه على قدر حَاجته لِئَلَّا يفْسد عَلَيْهِ إِن قطعه دفْعَة وَاحِدَة كَانَ على البَائِع أَيْضا إِن كَانَت الْعَادة بَقَاءَهُ لمثل ذَلِك، وَإِن كَانَت الْعَادة جذه حِينَئِذٍ جَمِيعًا فَأَخَّرَهُ ليأخذه على قدر حَاجته كَانَ من المُشْتَرِي اه. وَعَلِيهِ فَإِذا أَخّرهَا بعد انْتِهَاء طيبها وَمضى مَا يُمكن جذها فِيهِ لجَرَيَان عرف النَّاس بِالتَّأْخِيرِ لبَقَاء النضارة والرطوبة فيأخذها بِقدر حَاجته، فالجائحة فِيهَا وَهِي رِوَايَة سَحْنُون وَهُوَ الْمَذْهَب كَمَا يفِيدهُ (خَ) وَغَيره، ويفيده كَلَام المتيطي فِي نهايته لقَوْله: إِذا أجيحت بعد انْتِهَاء طيبها وَإِمْكَان جذاذها بِمُضِيِّ مُدَّة يُمكنهُ جذها فِيهَا قبل بُلُوغ الْحَد، الَّذِي يعرف من التَّرَاخِي فِي جذها فَتجب الْجَائِحَة على قَول مَالك بالجائحة فِي الْبُقُول اه. وَأما إِن كَانَ تَأْخِيره لشغل عرض لَهُ أَو لسوق يَرْجُو إنفاقها فَلَا جَائِحَة كَمَا فِي (خَ) والبرزلي وَغَيرهمَا، فمفهوم النَّاظِم فِيهِ تَفْصِيل بَين أَن تجتاح بعد انْتِهَاء الطّيب وَبعد مُضِيّ مَا جرت الْعَادة بِالتَّأْخِيرِ إِلَيْهِ فَلَا ضَمَان على البَائِع وَبَين أَن تجتاح قبل مُضِيّ مَا جرت الْعَادة بِالتَّأْخِيرِ إِلَيْهِ فَالضَّمَان مِنْهُ، وَأما منطوقه فَمُسلم لِأَن مَا أجيح قبل انْتِهَاء الطّيب ضَمَانه من البَائِع اتِّفَاقًا، ثمَّ اعْلَم أَن الثِّمَار على قسمَيْنِ: مَا شَأْنه أَن ييبس ويدخر وَيحبس أَوله على آخِره كالتمر وَالْعِنَب وَالزَّيْتُون والجوز واللوز، فَهَذَا إِذا أجيح مِنْهُ ثلث المكيلة فَأكْثر وضع على المُشْتَرِي بِنِسْبَة ذَلِك فَإِن أجيح الثُّلُث وضع عَنهُ ثلث الثّمن أَو النّصْف فَنصف الثّمن وَهَكَذَا، وَلَا يلْتَفت هُنَا إِلَى الْقيمَة اتِّفَاقًا وَإِن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute