قلت: وَعَلِيهِ فَلَو أَخذ السُّلْطَان رجلا بِمَال ظلما أَو فِي جِنَايَة اتهمَ بهَا فهرب فَأخذت جمَاعَة بِسَبَبِهِ فباعوا أملاكه على وَجه السداد لأَدَاء مَا أخذُوا بِهِ، فَالْبيع لَازم لَهُ فَتَأَمّله، وَمَا مر عَن المعيار نَحوه لَهُ فِي الْوَصَايَا مِنْهُ أَيْضا فِي وَصِيّ أَخذ بِسَبَب مَحْجُوره حَتَّى أدّى مَالا فَإِن ذَلِك يكون فِي مَال الْمَحْجُور، وَمثله فِي الْأَقْضِيَة مِنْهُ. وَانْظُر مَا كتبناه فِي أجوبتنا لحاج عبد الْقَادِر محيي الدّين على الحَدِيث الْكَرِيم الَّذِي رَوَاهُ مُسلم، وَنَقله ابْن فَرِحُونَ وَغَيره فِي أَحْكَام السياسة فِي كَون الرجل يُؤَاخذ بجريرة قومه، وَهِي أجوبة نفيسة مُشْتَمِلَة على نَحْو الْخمس كراريس تعينك على ضبط هَذَا الْبَاب وتفيدك عدم مُعَارضَة الحَدِيث الْكَرِيم لقَوْله تَعَالَى: وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} (الْأَنْعَام: ١٦٤) أَي لَا تؤاخذ نفس بذنب غَيرهَا، وفيهَا الْكَلَام على حكم الفكاك الْوَاقِع بَين الْقَبَائِل وَالله أعلم. الثَّانِي: الضغط على الشِّرَاء كالضغط على البيع، فَفِي المعيار عَن القلشاني أَن من اشْترى سلْعَة مُعينَة يَدْفَعهَا فِي مظْلمَة وَالْبَائِع يعلم بضغطه هُوَ بِمَنْزِلَة بيع المضغوط وَيرجع بَائِعهَا بِالثّمن أَو بِأَعْيَانِهَا إِن وجدت على الضاغط اه. وعَلى مَا بِهِ الْعَمَل يكون الشِّرَاء لَازِما للْمُشْتَرِي المضغوط على شِرَائهَا. قلت: وَيبقى النّظر إِذا أكرها مَعًا هَذَا أكره على البيع وَالْآخر أكره على الشِّرَاء وَالثمن يَأْخُذهُ الضاغط، وَذَلِكَ لِأَن الضاغط أَرَادَ أَن يغرم البَائِع مَالا فَلم يجد البَائِع من يَشْتَرِي مِنْهُ فضغط المُشْتَرِي أَيْضا على الشِّرَاء ليدفع الثّمن للْبَائِع فَيَأْخذهُ الضاغط وَالْمُشْتَرِي عَالم بالضغط أَو يكون الضاغط إِنَّمَا أَرَادَ أَخذ مَال المُشْتَرِي فيكرهه على شِرَاء دَار فلَان مثلا، فعلى الْمَشْهُور لَا شكّ أَن البَائِع لَا يلْزمه البيع وَيرجع المُشْتَرِي بِثمنِهِ على الضاغط فَإِن تلف الْمَبِيع بِيَدِهِ فَلَا يضمنهُ البَائِع، وَأما على مَا بِهِ الْعَمَل فَانْظُر هَل يكون البيع لَازِما لَهُ هَهُنَا أَيْضا نظرا للسبب أَو لَا يكون لَازِما نظرا إِلَى كَون المُشْتَرِي مكْرها، فَهُوَ قد دفع الثّمن لينقذ نَفسه من الْعَذَاب فَهُوَ الْمُكْره فِي الْحَقِيقَة وإكراه الآخر صوري فَقَط وَهُوَ الظَّاهِر، وَوَقعت هَذِه الْمَسْأَلَة أَيَّام الْفِتْنَة سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ من هَذَا الْقرن فبيعت على الْوَجْه الْمَذْكُور دور وحوانيت لَا تحصى حَتَّى إِنَّهُم باعوا حوانيت الأحباس ودور الْأَيْتَام وَلَا يخفى أَن الْمُكْره فِي حوانيت الأحباس والأيتام هُوَ المُشْتَرِي فَقَط لعدم تعلق الْإِكْرَاه بالأحباس والأيتام الصغار، وَانْظُر حاشيتنا على (ز) : وَإِذا زَالَ الْإِكْرَاه فعلى الْمَشْهُور لَا بُد من الْقيام بفور زَوَاله، كَمَا مر فِي بيع الْفُضُولِيّ إِذْ زَالَ عذر مَالِكه وَالله أعلم. وَانْظُر أَوَاخِر الكراس الأول من بُيُوع الْبُرْزُليّ فَإِنَّهُ ذكر أَنه لَا يتَعَرَّض لنقض مُعَاملَة الْمُلُوك لقِيَام الْفِتْنَة بذلك، وَإِن كَانَ الْوَالِي جائراً وَذَلِكَ رَاجع إِلَى كَون المضغوط ينفذ بَيْعه وشراؤه الخ. وَالخُلْفُ فِي الْبَيْعِ لِشَيْءٍ مُغْتَصَبْ ثَالِثُهَا جَوَازُهُ مِمَّنْ غَصَبْ (وَالْخلف فِي البيع لشَيْء مغتصب) على ثَلَاثَة أَقْوَال جَوَازه مُطلقًا وَمنعه مُطلقًا (ثَالِثهَا) وَهُوَ الْمَشْهُور (جَوَازه مِمَّن غصب) (خَ) ومغصوب أَي لَا يجوز بَيْعه إِلَّا من غاصبه زَاد: وَهل إِن رد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute