كَانَ أَمرك بِبيعِهِ كَمَا زعمت فادفع إِلَيْهِ بَقِيَّة ثمن ثَوْبه وَلَا تبخسه وَلَا يقْضى عَلَيْهِ بذلك، لِأَن صَاحب الثَّوْب يَدعِي أَنه بَاعه مِنْهُ اه. وَبِه أفتى العقباني وَنَقله صَاحب شرح المغارسة وَنَحْوه فِي المقرب قَائِلا: لَو قَالَ رجل لآخر: أَعْطِنِي ثمن الثَّوْب الَّذِي بِعْتُك. فَقَالَ: إِنَّمَا أَمرتنِي بِبيعِهِ حلف أَنه بَاعه وَأخذ ثمنه، فَإِن نكل حلف الآخر وبرىء. وَفِي الدُّرَر المكنونة فِيمَن قَالَ لرجل: خلصني فِي ثمن السّلْعَة الَّتِي أخذت مني فَإِنِّي عاملتك فِيهَا بيعا وَشِرَاء وَكنت بعتكها بِالذَّهَب، وَقَالَ الرجل: إِنَّمَا كنت تُعْطِينِي السّلع وتقومها عَليّ بِالدَّرَاهِمِ لَا بِالذَّهَب فأبيعها وَأُعْطِيك مَا كنت قومتها بِهِ عَليّ وَالْبَاقِي نقسمهُ بَيْننَا فَهَل القَوْل لمُدعِي البيع؟ وَهل يقبل قَوْله إِنَّهَا مبيعة بِالذَّهَب؟ فَقَالَ: قَالَ ابْن الْقَاسِم فِي مَسْأَلَة رجل قَالَ لآخر: أَعْطِنِي ثمن الثَّوْب الَّذِي بِعته مِنْك. فَقَالَ: مَا بِعته مني إِنَّمَا أَمرتنِي بِبيعِهِ القَوْل لرب الثَّوْب مَعَ يَمِينه وَالْمَسْأَلَة المسؤول عَنْهَا ترجع إِلَى هَذِه، فَإِذا قبل قَوْله بِيَمِينِهِ يصير الْخلاف بَينهمَا فِي جنس الثّمن، وَقد علمت أَن الْمَنْصُوص لأهل الْمَذْهَب التَّحَالُف والتفاسخ فَيرجع فِي السّلْعَة إِن كَانَت قَائِمَة، وَفِي الْقيمَة مَعَ الْفَوات اه. وَانْظُر الكراس الثَّانِي من بُيُوع الْبُرْزُليّ فَإِنَّهُ ذكر الْمَسْأَلَة أَيْضا وَقَالَ: إِن القَوْل لِرَبِّهَا بعد أَن يحلف أَنه مَا وَكله على بيعهَا وَيَأْخُذ سلْعَته إِن كَانَت قَائِمَة بِيَدِهِ أَو بيد من بَاعهَا إِلَيْهِ أَو قيمتهَا إِن فَاتَت. قلت: وتلخيصه أَن الْمَالِك إِذا حلف أَنه بَاعهَا مِنْهُ فَإِن صدقه الآخر على قدر الثّمن فَإِنَّهُ يَأْخُذهُ مِنْهُ وَهُوَ معنى قَوْله فِي المقرب: وَأخذ ثمنه وَإِن كذبه وَادّعى أقل فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ ويتفاسخان وَيَأْخُذ الْمَالِك حِينَئِذٍ سلْعَته إِن كَانَت قَائِمَة وَهُوَ معنى قَول الْبُرْزُليّ. وَيَأْخُذ سلْعَته إِن كَانَت قَائِمَة فَإِن فَاتَت فَالْقيمَة على وصف المُشْتَرِي كَمَا مر فِي النَّص، وَإِنَّمَا ترد مَعَ الْقيام فِيمَا إِذا كَانَ الْمَأْمُور بَاعهَا إِذا صدقهما المُشْتَرِي أَنَّهَا للْمَالِك أَو قَامَت بذلك بَيِّنَة وإلَاّ فَلَا ترد، وَيغرم الْمَأْمُور الْقيمَة مَا لم تكن أَكثر من الثّمن الَّذِي ادَّعَاهُ رَبهَا انْظُر الْبُرْزُليّ. وَإِنَّمَا أطلت فِي هَذِه الْمَسْأَلَة لِكَثْرَة وُقُوعهَا وَقد وَقعت فِي هَذَا الأوان فَادّعى الْقَابِض للسلعة وَكَانَت عقدا من جَوْهَر أَنه قَبضه ليَبِيعهُ لَهُ، وَقد تلف وَادّعى آخر أَنه قَبضه ليقلبه وَقد تلف قبل إِمْضَاء البيع فِيهِ، فَلم يتفطن الْحَاكِم لتِلْك النُّصُوص، وَقد قَالَ (ز) عِنْد قَول (خَ) أول الْبيُوع وَعدم دفع رَدِيء أَو نَاقص مَا نَصه: فَإِن اخْتلفَا فِي صفة الْقَبْض هَل ليزنها أَو على المفاصلة؟ فَالْقَوْل للدافع اه. وَحَيْثُمَا اخْتَلَفَ بَائِعٌ وَمَنْ مِنْهُ اشْتَرَى إنْ كَانَ فِي قَدْرِ الثَّمَنْ (وحيثما اخْتلف بَائِع وَمن مِنْهُ اشْترى إِن كَانَ) الِاخْتِلَاف (فِي قدر الثّمن) كَقَوْلِه بِعشْرَة وَقَالَ المُشْتَرِي بِثمَانِيَة، أَو كَانَ الِاخْتِلَاف فِي قدر الْمَبِيع كَقَوْلِه: هَذَا الثَّوْب بِعشْرَة. وَقَالَ المُشْتَرِي: بل هُوَ وَهَذِه الشَّاة بِعشْرَة، فَاكْتفى النَّاظِم بِالثّمن عَن الْمُثمن لِأَن كلاًّ من الْعِوَضَيْنِ ثمن للْآخر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute