للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَقَامَ الْبَيِّنَة عمل بِبَيِّنَة البَائِع لكَونهَا أقدم تَارِيخا. وَسكت النَّاظِم عَن اخْتِلَافهمَا فِي قدر الْأَجَل بعد اتِّفَاقهمَا على أَصله ومبدئه الَّذِي هُوَ أول رَجَب مثلا فَقَالَ أَحدهمَا لشعبان، وَقَالَ الآخر بل لرمضان، فَالْمَشْهُور الْحلف وَالْفَسْخ إِن لم تفت السّلْعَة فَإِن فَاتَت صدق المُشْتَرِي إِن أشبه فالاختلاف فِي قدر الْأَجَل كالاختلاف فِي قدر الثّمن، ثمَّ أَشَارَ إِلَى الِاخْتِلَاف فِي قبض الثّمن أَو السّلْعَة فَقَالَ: وَالقَوْلُ قَوْلُ مُشْتَرٍ بَعْدَ الحَلِفْ فِي القَبْضِ فِيما بَيْعُهُ نَقْداً عُرِفْ (فَالْقَوْل قَول مُشْتَر بعد الْحلف فِي الْقَبْض) للثّمن (فِيمَا) أَي مَبِيع (بَيْعه نَقْدا عرف) كالخبز والفاكهة وَاللَّحم وَالْخضر وَالْحِنْطَة وَنَحْو ذَلِك، وَظَاهره أَن القَوْل للْمُشْتَرِي فِي دفع الثّمن فِيمَا عرف بَيْعه بِالنَّقْدِ سَوَاء كَانَ الِاخْتِلَاف قبل الِافْتِرَاق والبينونة أَو بعدهمَا كثر ذَلِك الْمَبِيع أَو قل ادّعى الدّفع قبل قبض اللَّحْم وَنَحْوه أَو بعده، وَهُوَ كَذَلِك على مَا فِي الْمُنْتَخب عَن مَالك وَنَحْوه فِي اللّبَاب كَمَا فِي (ح) عَن ابْن الْقَاسِم وَهُوَ الْمُعْتَمد خلافًا لما فِي الْجَوَاهِر و (خَ) وَغَيرهمَا أَن مَحل تَصْدِيقه إِذا وَقع الِاخْتِلَاف بعد الِافْتِرَاق وإلَاّ فَلَا يقبل قَوْله إِن ادّعى دَفعه بعد قبض اللَّحْم وَنَحْوه فَإِن ادّعى دَفعه قبله فأقوال. وَالْحَاصِل على مَا فِي الْجَوَاهِر و (خَ) وَغَيرهمَا أَنه إِذا وَقع الِاخْتِلَاف بعد الِافْتِرَاق والبينونة فَالْقَوْل للْمُشْتَرِي، وَإِن وَقع قبل ذَلِك فَتَارَة يَدعِي الدّفع بعد قبض اللَّحْم وَشبهه فَلَا يقبل قَوْله اتِّفَاقًا كَمَا لِابْنِ رشد، وَحكى غَيره فِي ذَلِك قَوْلَيْنِ، وَتارَة لَا يكون قد قبض اللَّحْم وَنَحْوه وَيَدعِي أَنه دفع الثّمن فَلَا يقبل قَوْله اتِّفَاقًا أَيْضا، وَتارَة يَدعِي الدّفع قبل قبض اللَّحْم وَشبهه أَي: وَهُوَ قَابض لَهُ فَفِي ذَلِك أَقْوَال ثَلَاثَة حَكَاهَا ابْن رشد. قلت: ومبنى الْخلاف فِي هَذَا وَالله أعلم اخْتِلَاف عرف النَّاس فِي تِلْكَ الْأَزْمَان، فَمَا للناظم وَصَاحب الْمُنْتَخب من تَصْدِيق المُشْتَرِي مُطلقًا مَبْنِيّ على أَن عرف النَّاس فِي ذَلِك الْوَقْت هُوَ دفع الثّمن عِنْد قبض اللَّحْم وَنَحْوه وَهُوَ الْمُوَافق لوقتنا الْيَوْم فَيجب اعْتِمَاده، وَالْحكم بِهِ فِي هَذِه الْأَزْمَان وَمَا للجواهر وَغَيرهَا مَبْنِيّ على أَن الْعرف التَّفْصِيل بَين الْبَيْنُونَة وَعدمهَا وادعاء الدّفع بعد قبض الْمَبِيع أَو قبله، وَلذَا قَالَ فِي الْمُفِيد عَن بَعضهم: الأَصْل فِي هَذَا أَن يرجع إِلَى عرف الْبَلَد فِي بيع ذَلِك الشَّيْء فيحملان عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: قَالَ عبد الْحق: وَالصَّوَاب فِي هَذَا كُله مُرَاعَاة عرف النَّاس فِي انتقاد الثّمن وتأخيره فقد تتفق الْأَقْوَال على مُرَاعَاة هَذَا وَهُوَ من أصل مَذْهَب مَالك اه. وَقَالَ الْقَرَافِيّ: اتِّبَاع الْعرف أَمر مجمع عَلَيْهِ لَا اخْتِلَاف فِيهِ، وَإِنَّمَا يَقع الْخلاف فِي تَحْقِيقه هَل وجد أم لَا؟ قَالَ: وَالْوُقُوف على المنقولات أَي من غير اعْتِبَار عرف فِيمَا يُرَاعى فِيهِ الْعرف ضلال، وَهَذَا عَام فِي أَبْوَاب كَثِيرَة اه. وَهَذَا كُله فِيمَا الشَّأْن فِيهِ الانتقاد عِنْد الْقَبْض كالأمثلة الْمَذْكُورَة، وَأما غير ذَلِك فَالْقَوْل فِيهِ للْبَائِع كَمَا قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>