وَضرب الْأَجَل، فَإِن القَوْل لمُدعِي الصِّحَّة لِأَنَّهَا الأَصْل أَي الْغَالِب فِي عُقُود الْمُسلمين فَقَوْلهم: الأَصْل فِي عُقُود الْمُسلمين الصِّحَّة الخ. مُرَادهم بِالْأَصْلِ الْغَالِب، وَذَلِكَ ظَاهر لِأَن الأَصْل عدم علم قدر الثّمن وَعدم ضرب الْأَجَل، لَكِن ذَلِك الأَصْل عَارضه الْغَالِب وَهُوَ علم قدر الثّمن فِي البيع. وَوُجُود ضرب الْأَجَل فِي السّلم والمناجزة فِي الصّرْف، فَصَارَ الحكم لَهُ فَصدق مدعيه بِمَنْزِلَة اخْتِلَافهمَا فِي الْعسر واليسر، فَالْأَصْل الْعسر، لَكِن غلب على النَّاس الملاء فكأنهم يَقُولُونَ القَوْل لمُدعِي الأَصْل إِن لم يُعَارضهُ غَالب إلَاّ فَالْقَوْل لمُدعِي الْغَالِب (فِي كل فعل فعل) أَي عِنْد كل عقد عقد بيعا كَانَ أَو غَيره كَمَا مرّ، وَظَاهره اخْتلف الثّمن بهما أم لَا؟ فَاتَ البيع أم لَا؟ وَالَّذِي عَلَيْهِ الشَّيْخ أَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن وحذاق أهل الْمَذْهَب كَمَا فِي الْمُتَيْطِيَّة، والمفيد أَن مَحل كَون القَوْل لمُدعِي الصِّحَّة إِذا فَاتَ الْمَبِيع وإلَاّ فيتحالفان ويتفاسخان. مَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَاكَ عُرْفٌ جاري عَلَى خِلَافِ ذَاكَ ذُو اسْتِقْرَارِ (مَا لم يكن فِي ذَاك) الْمَبِيع (عرف جَار) فِيهِ (على خلاف ذَاك) الأَصْل أَو الصِّحَّة (ذُو اسْتِقْرَار) نعت لعرف بعد نَعته بجار فَإِنَّهُ يتبع حِينَئِذٍ ذَلِك الْعرف الْمُخَالف للْأَصْل كَالْبيع بِشَرْط الثنيا لِأَن الأَصْل هُوَ عدم الشَّرْط أَو الْمُخَالف للْغَالِب كالصرف لعدم المناجزة، لِأَن الْغَالِب كَانَ فِيهِ وُقُوعه على الصِّحَّة وَهُوَ المناجزة، فَإِذا غلب فِي بلد أَو وَقت وُقُوعه على عدمهَا فَإِنَّهُ يتبع ويترجح بذلك قَول مدعي عدمهَا وَكَذَا الْجعل مثلا فَإِن الْغَالِب كَانَ فِيهِ وُقُوعه على الصِّحَّة بتوفر شُرُوطه وأركانه فَكَانَ القَوْل لمُدعِي صِحَّته، فَإِذا غلب فِي بلد أَو وَقت وُقُوعه على الْفساد باختلال شَرط أَو ركن كَشَرط النَّقْد فِيهِ أَو عدم علم عوضه، أَو ضرب الْأَجَل لعمله، فَإِنَّهُ يتَرَجَّح قَول مدعيه، وَهَكَذَا وَقد غلب فِي هَذَا الأوان وَقَبله بِزَمَان أَن الْجعل والمزارعة والمغارسة وَالشَّرِكَة وَالرَّهْن والثنيا وَبيع الثِّمَار لَا يَقع إِلَّا على الْوَجْه الْفَاسِد كَمَا فِي اللامية وَغَيرهَا، وَيلْحق بهَا مَا عَداهَا. فَإِذا جرى الْعرف فِي السّلم مثلا بِتَأْخِير رَأس مَاله أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام فَإِنَّهُ يتَرَجَّح بذلك قَول مدعي تَأْخِيره، وَهَكَذَا فِي سَائِر الْعُقُود، وَلَا بُد من ثُبُوت ذَلِك الْعرف بعدلين فَأكْثر، وظاهرهم أَن القَوْل لمُدعِي الْفساد إِذا غلب وَثبتت أغلبيته فِي عقد، وَلَو لم يبين وَجه فَسَاده. وَالصَّوَاب أَنه يسْأَل عَن وَجه الْفساد فَإِذا ذكر وَجها مُعْتَبرا كَأَن يَقُول: بَاعَ لي ثَمَر جَمِيع الْحَائِط الْمُشْتَمل على أَنْوَاع قبل بَدو صَلَاح بعض أَنْوَاع بزهو حَبَّة مِنْهُ أَو ظُهُور حلاوتها فَإِنَّهُ يتبع قَوْله وإلَاّ فَلَا. ثمَّ أَشَارَ إِلَى اخْتِلَافهمَا فِي تَابع الْمَبِيع فَقَالَ: وَتَابِعُ الْمبيع كَالسَّرْجِ اخْتُلِفْ فيهِ يُرَدُّ بَيْعُهُ بَعْدَ الحَلِفْ (وتابع الْمَبِيع كالسرج) والإكاف أَي البرذعة واللجام للدابة وَالثَّمَرَة المؤبرة وَمَال العَبْد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute