ذَلِك لِأَن توقع الْفَسْخ بِإِثْبَات الْبَرَاءَة أَو تجريح الْبَيِّنَة نَادِر كتوقعه بِثُبُوت الِاسْتِحْقَاق وَالْعَيْب النَّادِر لَا حكم لَهُ. ثمَّ أَشَارَ إِلَى الْبَعِيدَة جدا فَقَالَ. وَغَائِبُ مِنْ مِثْلِ قُطْرِ المَغْرِبِ لِمِثْلِ مَكَّةَ وَمِثْلِ يَثْرِبِ (وغائب) غيبَة بعيدَة (من مثل قطر الْمغرب لمثل مَكَّة وَمثل يثرب) على صَاحبهَا أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام. مَا الحُكْمُ فِي شيءٍ عَلَيْه يَمْتَنِعْ وهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ مَا تَنْقَطِعْ (مَا) نَافِيَة أَي لَيْسَ (الحكم فِي شَيْء) من الْأَشْيَاء حَتَّى اسْتِحْقَاق الْعقار (عَلَيْهِ يمْتَنع) بعد ثُبُوت الموجبات الْمُتَقَدّمَة وَيَمِين الْقَضَاء، وَمثل الْغَائِب الْمَذْكُور الْمَحْجُور وَلَو كَانَ لَهُ وَصِيّ أَو مقدم (وَهُوَ) أَي الْغَائِب وَمن هُوَ فِي حكمه (على حجَّته) إِذا قدم (مَا تَنْقَطِع) لَهُ بطول الْغَيْبَة. وَظَاهره أَنه يحكم عَلَيْهِ فِي هَذِه وَفِي الَّتِي قبلهَا، وَلَا يُقيم لَهُ وَكيلا يُخَاصم عَنهُ، وَهُوَ كَذَلِك على الْمَشْهُور. وَمذهب الْمُدَوَّنَة لِأَن الْوَكِيل وَكَذَا الْوَصِيّ والمقدم لَا يعْرفُونَ الْحجَج الَّتِي يُقَام بهَا. وَقَالَ سَحْنُون وَابْن الْمَاجشون: يُقيم لَهُم وَكيلا وَلَا ترجى لَهُم حجَّة. قَالَ ابْن نَاجِي: وَالْعَمَل عندنَا بالقيروان على الْجمع بَين الْقَوْلَيْنِ فيقيم لَهُم وَكيلا على قَول سَحْنُون وترجى لَهُم الْحجَّة على مَذْهَب الْمُدَوَّنَة اه. قلت: وَبِهَذَا شاهدنا الْعَمَل بفاس وَيُسمى عِنْدهم وَكيل الغياب والمحاجير. والحُكْمُ مَاضٍ أَبَدَاً لَا يُنْقَضُ وَمَا بِهِ أُفِيتَ لَا يَنْتَقِضُ (وَالْحكم) بِالْبيعِ لمتاع هَذَا الْغَائِب (مَاض) عَلَيْهِ (أبدا لَا ينْقض) يَعْنِي إِذا فَاتَ الْمَبِيع بيد مُشْتَرِيه بِتَغَيُّر ذَات وإلَاّ فينقض كَمَا مر فِي الَّتِي قبلهَا (وَمَا بِهِ) أَي الحكم (أفيت لَا ينْتَقض) هَذَا الشّطْر تَأْكِيد للشطر الَّذِي قبله وَلَيْسَ فِيهِ معنى زَائِد عَلَيْهِ. لَكِنَّ مَعْ برَاءَةٍ يُقْضَى لَهُ بِأَخْذِهِ مِنَ الغَرِيمِ مَا لَهُ (لَكِن مَعَ) إِثْبَات (بَرَاءَة) ذمَّة الْغَائِب من الدّين أَو النَّفَقَة اللَّذين بيع مَا لَهُ فيهمَا وأبطل الشَّهَادَة عَلَيْهِ بتجريح شهودها (يقْضى لَهُ بِأَخْذِهِ من الْغَرِيم مَاله) وَقَوْلِي بِالْبيعِ احْتِرَازًا من حكمه بِاسْتِحْقَاق الْعقار أَو غير فَإِنَّهُ ينْقض فَاتَ بالهدم وَالْغَرْس أم لَا. وَقَوْلِي: هَذَا الْغَائِب احْتِرَازًا من حكمه بِبيع مَتَاع الْمَحْجُور لقَضَاء دين وَنَحْوه، ثمَّ ظَهرت الْبَرَاءَة مِنْهُ فَإِن للمحجور إِذا رشد أَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute