ابْن الْقَاسِم. (وَالْبناء وَالْهدم وَالْجِمَاع للإماء) يَعْنِي التَّصَرُّف بِهَذِهِ الْأُمُور بعد الِاطِّلَاع، وَلَو زمن الْخِصَام مِمَّا يدل على الرِّضَا وَيمْنَع الرَّد بِالْعَيْبِ، وَلَا شَيْء لَهُ من أرش وَلَا غَيره، وَكَذَا الْعتْق بعد الِاطِّلَاع. تَنْبِيه: فَإِن غَابَ بَائِع الْمَعِيب فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ صَبر إِلَى قدومه وَيسْتَحب لَهُ الْإِشْهَاد بِأَنَّهُ لم يرض، وَإِن شَاءَ رفع أمره للْحَاكِم فَيكْتب لقريب الْغَيْبَة وَيبِيع الْمَعِيب على بعيدها وَيَقْضِي مِنْهُ الثّمن، فَإِن فضلت فضلَة بقيت بيد الْحَاكِم كَمَا فِي اللامية. قَالَ أَبُو الْحسن: يتم الحكم بِالْبيعِ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة بِتِسْعَة شُرُوط، وَثَلَاثَة أَيْمَان. أَحدهَا: أَن يثبت أَنه ابْتَاعَ. الثَّانِي: مِقْدَار الثّمن، الثَّالِث: أَنه نَقده. الرَّابِع: أمد التبايع. قلت: وَهَذِه الْأَرْبَعَة يتضمنها عقد الشِّرَاء فِي الْغَالِب، وَالْخَامِس: ثُبُوت الْعَيْب: السَّادِس: أَنه ينقص من الثّمن. السَّابِع: أَن الْعَيْب أقدم من أمد التبايع. قلت: وَهَذِه السَّبْعَة يُشَارِكهُ فِيهَا الْحَاضِر. الثَّامِن: ثُبُوت الْغَيْبَة. التَّاسِع: كَونهَا بعيدَة أَو بِحَيْثُ لَا يعلم، وَأما ثَلَاثَة أَيْمَان؛ فَإِنَّهُ يحلف أَنه ابْتَاعَ بيعا صَحِيحا وَأَنه لم يتبرأ إِلَيْهِ من الْعَيْب وَلَا بَيِّنَة لَهُ وَلَا أرَاهُ إِيَّاه. وَالثَّالِثَة أَنه مَا رَضِي بِالْعَيْبِ حِين علم بِهِ، وَله أَن يجمعها فِي يَمِين وَاحِدَة انْظُر ضيح و (ح) . قلت: ظَاهره أَنه يحلف أَنه مَا أرَاهُ إِيَّاه وَأَنه مَا رَضِي بِهِ، وَلَا تتَوَقَّف يَمِينه على دَعْوَى الْمخبر وَلَا الإراءة، وَهُوَ كَذَلِك لِأَن هَذَا غَائِب فَلَا أقل لَو حضر أَن يَدعِي أَنه أخبرهُ بِرِضَاهُ مخبر، أَو أَنه أرَاهُ إِيَّاه بِخِلَاف الْحَاضِر فَلَيْسَ لَهُ أَن يحلفهُ على ذَلِك إِلَّا بِدَعْوَى الْمخبر والإراءة كَمَا قَالَ (خَ) : وَلم يحلف مُشْتَر ادعيت رُؤْيَته بِدَعْوَى الإراءة، وَلَا الرِّضَا بِهِ إِلَّا بِدَعْوَى مخبر الخ. وَتقدم فِي عُيُوب الرَّقِيق أَن هَذَا إِنَّمَا يجْرِي على أَن يَمِين التُّهْمَة لَا تتَوَجَّه، وَظَاهره أَيْضا أَنه لَا يحْتَاج إِلَى ثُبُوت ملك البَائِع لما بَاعَ إِلَى وَقت بَيْعه خلافًا لما فِي ضيح تبعا لِابْنِ عبد السَّلَام، من أَنه لَا بُد مِنْهُ زِيَادَة على التِّسْعَة الْمُتَقَدّمَة، وَهُوَ مِمَّا لَا وَجه لَهُ لِأَن الأَصْل فِيمَن بَاعَ شَيْئا أَنه إِنَّمَا بَاعَ مَا يملكهُ، وَكَونه بَاعَ غير ملكه خلاف الأَصْل، كَمَا فِي الارتفاق. وَتقدم ذَلِك فِي البيع على الْغَائِب، وَلِأَن هَذَا يملك الرَّد عَلَيْهِ بَاعَ ملك نَفسه أَو ملك غَيره بوكالة أَو نَحْوهَا حَيْثُ لم يعلم المُشْتَرِي بوكالته أَو بِأَنَّهُ يَبِيع ملك غَيره، وَقد يكون للْإنْسَان السّلْعَة أَو الدَّار ويبيعها بفور شرائهما قبل أَن يعرف النَّاس أَنَّهُمَا ملكه ويغيب بعد ذَلِك فيتعذر على الْقَائِم ثُبُوت ملك البَائِع، فَلَعَلَّ مَا لِابْنِ عبد السَّلَام إِنَّمَا هُوَ إِذا أَبى أَن يحلف أَنه مَا بَين لَهُ أَنه يَبِيع ملك الْغَيْر لتَكون الْعهْدَة على ذَلِك الْغَيْر لَا على الْغَائِب وَالله أعلم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute