وَالبَقُّ عَيْبٌ مِنْ عُيُوبِ الدُّورِ وَيُوجِبُ الرَّدَّ عَلَى المَشْهُورِ (والبق) والنمل (عيب من عُيُوب الدّور وَيُوجب الرَّد على الْمَشْهُور) وَمرَاده بالمشهور مَا وَقع الحكم بِهِ لَا الْمَشْهُور المصطلح عَلَيْهِ من كَونه الَّذِي قوي دَلِيله أَو كثر قَائِله أَو مَذْهَب الْمُدَوَّنَة، وَظَاهره أَن البق عيب وَلَو قل، وَالَّذِي فِي الطرر نَاقِلا عَن الْمُوازِية هُوَ مَا نَصه: وَسُوء الْجَار فِي الدَّار المكتراة عيب إِذا لم يعلم بِهِ وَقَالَ غَيره: لَيْسَ ذَلِك عَيْبا فِي الْمَبِيع وَقد قَالَ أَبُو صَالح الجواني: سَمِعت مَالِكًا يَقُول: ترد الدَّار من سوء الْجِيرَان والحفرة، والبئر والمرحاض بِقرب حيطان الدَّار عيب، وَكَذَا جرى مَاء غَيرهَا عَلَيْهَا عيب فِيهَا وَكَثْرَة البق عيب فِيهَا، وَنزلت بقرطبة وَحكم بردهَا. وَأَخْبرنِي الثِّقَات أَن الْعَمَل بقرطبة أَيْضا برد السرير المبقق وَإِن نحت وَبيع وَلم يبين رد أَيْضا وَحكم بِهِ فِيهَا. وَعَن ابْن عبد الغفور عَن بعض أَصْحَابنَا أَن كَثْرَة الْقمل فِي الثِّيَاب ترد بِهِ بزاً كَانَت أَو صُوفًا أَو كتاناً المشاور والغفائر الغسيلة المصبوغة بِالسَّوَادِ إِن بَين بَائِعهَا وإلَاّ وَجب الرَّد لِأَنَّهُ عيب وغش قَالَ: والصيبان فِي الثَّوْب عيب لِأَنَّهُ ملازم كالقمل اه. بِنَقْل الْبُرْزُليّ، فَظَاهره أَن قَلِيل البق لَا رد بِهِ، وَلذَا أصلحه وَلَده بقوله: وَكَثْرَة البق تعيب الدورا وتوجب الرَّد لأهل الشورى قلت: لَعَلَّ النَّاظِم فهم أَن التَّعْبِير بِالْكَثْرَةِ فِي النَّص غير مَقْصُود، وَيدل لَهُ مَا قَالَه فِي السرير وَمَا ذَاك إِلَّا لكَون البق لَا يَنْضَبِط وَلَا يسْتَقرّ على حَال، فَهُوَ وَإِن قل فِي وَقت يكثر فِي الْحِين فَمَا للناظم من الْإِطْلَاق أحسن وَمَا ذكره فِي الْجَار السوء نَحوه فِي الْعُتْبِيَّة. قَالَ ابْن رشد: المحنة بالجار السوء عَظِيمَة، وَقد رُوِيَ عَن مَالك أَن الدَّار ترد من سوء الْجَار اه. بِاخْتِصَار. ثمَّ قَالَ الْبُرْزُليّ: وَفِي الْمجَالِس أَن من ابْتَاعَ دَارا بِمَدِينَة أَو قَرْيَة بِنَاحِيَة وَاد فَحمل الْوَادي فِي بعض الزَّمَان وَوصل إِلَيْهَا، فَإِن ثَبت أَنه بلغ إِلَيْهَا فِيمَا مضى وَلَو مرّة كَانَ لَهُ ردهَا، وَإِن لم يعلم ذَلِك فَهِيَ مُصِيبَة نزلت بالمبتاع. وَلابْن رشد فِيمَن ابْتَاعَ كرماً فَظهر أَنه شَارف فَقَالَ: إِنَّه من الْعُيُوب الظَّاهِرَة الَّتِي لَا رد بهَا، وَفِي الطرر أَن الرَّحَى المتربة ترد بِكُل حَال علم المُشْتَرِي بتتريبها أم لَا. لِأَنَّهُ لَا نفع بهَا إِذْ هِيَ إِنَّمَا تبَاع للطحن فَإِذا كَانَت مَتْرَبَة لم تسو إِلَّا قيمَة حجر ملقى، فَإِن فَاتَت رَجَعَ بِقدر الْعَيْب وَهَذَا القَوْل أولى وَبِه الْعَمَل اه. وَفِي الكراس الثَّانِي من معاوضات المعيار أَن الدَّار الْمُعْتَادَة لنزول الأجناد ترد لِأَن ذَلِك عيب، وَفِي المعيار أَيْضا أَن الْحَدِيد إِذا وجده مبتاعه أحرش فَإِن لَهُ رده على بَائِعه، وَهَكَذَا حَتَّى يرد على الَّذِي أخرجه من الْمَعْدن، وَمَا مر من أَن النَّمْل ترد بِهِ كالبق هُوَ مَا أفتى بِهِ ابْن لب قَائِلا: إِذا قَالَ الْجِيرَان إِن ذَلِك قديم بهَا يظْهر من فصل الرّبيع إِلَى الخريف الخ. وَهَذَا كُله يدْخل تَحت قَول النَّاظِم فِيمَا مر: وكل عيب ينقص الأثمانا الخ. لَكِن لَا تَجِد أحدا عندنَا الْيَوْم يقوم بِعَيْب البق والنمل وَلَعَلَّه لعدم نُقْصَان ثمن الدَّار بذلك عَادَة عِنْدهم، وَأما قتل الْإِنْسَان فِي دَار أَو بُسْتَان فَإِن ذَلِك لَيْسَ عَيْبا فَلَا حجَّة للْمُشْتَرِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute