الِاتِّفَاق فَإِن قَالَ: أما أهل السهْم الْوَاحِد كالزوجات وَالْبَنَات وَالْأَخَوَات والجدات وَالْمُوصى لَهُم بِالثُّلثِ، فَلَا خلاف أحفظه أَنه يجمع حظهم فِي الْقِسْمَة شاؤوا أَو أَبَوا لأَنهم بِمَنْزِلَة الْوَاحِد اه. وَنَحْوه اللَّخْمِيّ. وَبحث ابْن نَاجِي وَابْن عَرَفَة فِي الِاتِّفَاق الْمَذْكُور بِمَا نَقله عِيَاض من الْخلاف الْمُتَقَدّم، فَتحصل أَن كلاًّ من الْقَوْلَيْنِ شهر إِذْ مَا حكى عَلَيْهِ ابْن رشد الِاتِّفَاق لَا أقل أَن يكون مَشْهُورا، وَإِن جمع الْعصبَة مَعَ كَالزَّوْجَةِ مُعْتَبر فِيهِ رضاهم بِخِلَاف جمع أهل السهْم كالزوجات، فَإِنَّهُ لَا يعْتَبر فِيهِ رضاهن على الثَّانِي وَكَانَ حق النَّاظِم حَيْثُ درج على الأول أَن يَسْتَثْنِي الزَّوْجَة مَعَ الْعصبَة، وَقد جمع (خَ) بَين الْقَوْلَيْنِ على مَا قَرَّرَهُ بِهِ (ز) فَأَشَارَ إِلَى الأول بقوله: وَلَا يجمع بَين عاصبين إِلَّا برضاهم مَعَ كَزَوْجَة، وَإِلَى الثَّانِي بقوله: كذي سهم أَو وَرَثَة والتشبيه فِي مُطلق الْجمع لَا بِقَيْد الرِّضَا. قَالَ (ز) : وَانْظُر مَا وَجه الْجمع برضاهم حَيْثُ كَانَ مَعَهم صَاحب فرض وَعَدَمه حَيْثُ لم يكن مَعَهم ذُو فرض، وَالتَّعْلِيل بِأَنَّهُ يقل الْغرَر مَعَ وجود ذِي الْفَرْض وَيكثر مَعَ فَقده لَا ينْهض اه. قلت: لَا يظْهر لمنع الْجمع برضاهم وَجه لِأَن العاصبين أَو الشَّرِيكَيْنِ إِذا رَضِيا أَن يخرجَا بِالْقُرْعَةِ فِي مَحل وَاحِد، ثمَّ يقسمان أَو يستمران على الشّركَة فَلَا مقَال لغَيْرِهِمَا من الْعصبَة لِأَن الْحق فِي ذَلِك لَهما، وَلَا سِيمَا حَيْثُ كَانَ نصيب اللَّذين رَضِيا بِالْجمعِ لَا يقبل الْقِسْمَة كثلاثة رجال مثلا لأَحَدهم النّصْف وَللْآخر الثُّلُث وَللْآخر السُّدس، وَكَانَ الْمَقْسُوم لَا يقبل الْقِسْمَة على سِتَّة ويقبلها مُنَاصَفَة فَرضِي صَاحب السُّدس وَالثلث أَن يخرجَا بِالنِّصْفِ لأَحَدهمَا ثُلُثَاهُ وَللْآخر ثلثه ليقل ضَرَر الشّركَة أَو يخف فَهَذَا لَا وَجه لمَنعه كَمَا لَا وَجه لمنع الْجمع حَيْثُ رَضِيا بِجمع نصيبهما فِي الْفَرْض الْمَذْكُور مَعَ كَون الْمَقْسُوم يقبل الْقِسْمَة على سِتَّة. وَقد أشارت تبعا لغيره إِلَى جَوَاز الْجمع مَعَ الرِّضَا مُطلقًا. وَاعْتِرَاض الشَّيْخ الرهوني عَلَيْهِ بِمَا تقدم من الْغرَر لَا ينْهض لِأَن الْغرَر الْمَذْكُور حَاصِل حَتَّى مَعَ عدم الْجمع، وَحَاصِل فِي جمع الْعصبَة مَعَ ذِي فرض، وَلَا تَخْلُو الْقِسْمَة بِالْقُرْعَةِ عَن غرر إِذْ لَا يدْرِي فِي أَي مَحل يخرج سَهْمه، وَالتَّعْلِيل بالغرر مَبْنِيّ على أَنَّهَا بيع، وَالْمَشْهُور أَنَّهَا تَمْيِيز حق وَالْقِسْمَة إِنَّمَا شرعت لرفع الضَّرَر أَو تخفيفه، وَلَا إِشْكَال فِي رَفعه أَو تخفيفه بِمَا ذكر، وَلَا سِيمَا حَيْثُ كَانَ الْمَقْسُوم لَا يقبل الْقِسْمَة، إِلَّا مَعَ الْجمع الْمَذْكُور، إِذْ قسمته مَعَ الْجمع أولى من تفويته عَلَيْهِمَا بِالْبيعِ، وَأَيْضًا إِذا كَانَ لصَاحب السُّدس وَالثلث أَن يرجعا إِلَى الشّركَة بعد الْقِسْمَة على أقلهم نَصِيبا فَلَا يمنعان من بقائهما على الشّركَة ابْتِدَاء وَالله أعلم. وَإِنَّمَا قُلْنَا التَّعْلِيل بالغرر مَبْنِيّ على أَنَّهَا بيع لقَوْل اللَّخْمِيّ: الأَصْل منع الْقسم بِالْقُرْعَةِ لتضمنها بيع الْإِنْسَان ملكه بِغَيْر رِضَاهُ، وَالْغرر فِيمَا يصير لَهُ، وَإِنَّمَا استخف ذَلِك لعظم الضَّرَر فِي خُرُوج الْملك من يَده إِن لم يمكثا من الْقِسْمَة اه. . تَنْبِيه: قَول (خَ) أَو وَرَثَة الخ. مِثَاله: شريكان مَاتَ أَحدهمَا عَن وَرَثَة فَإِن الْوَرَثَة يجمعُونَ فِي الْقسم أَولا جبرا فَيقسم الْملك نِصْفَيْنِ نصفه للشَّرِيك وَنصفه للْوَرَثَة، ثمَّ يقسم الْوَرَثَة ثَانِيًا فِيمَا بَينهم. هَكَذَا فِي ابْن الْحَاجِب وضيح وَابْن سَلمُون وَغَيرهم، وَبِه تعلم مَا فِي المعيار عَن ابْن العواد فِي رجلَيْنِ كَانَت بَينهمَا قَرْيَة مشاعة نِصْفَيْنِ فَمَاتَ أَحدهمَا عَن وَرَثَة فَقَالَ شريكهم: تقسم مُنَاصَفَة ثمَّ اقسموا نصفكم. وَقَالَ الْآخرُونَ: بل تقسم على أقل الانصباء. فَأجَاب هُوَ وَابْن رشد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute