فَذَلِك كاختلاف الْمُتَبَايعين فِي الثّمن فيتحالفان ويتفاسخان وَلَا تلْزم الْإِقَالَة. إلَا إذَا الْمُقَالُ بالرِّضَا دَفَعْ لِمَنْ أَقال أُجْرَةٌ لما صَنَعْ (إِلَّا إِذا الْمقَال بِالرِّضَا دفع. لمن أقَال أُجْرَة لما صنع) فتلزم الْإِقَالَة حِينَئِذٍ. ابْن سَلمُون قَالَ ابْن الْمَاجشون: من أقَال رجلا فِي بيع أَو ابتياع فَوجدَ شَيْئا قد زَاد أَو نقص أَو فَاتَ هُوَ لَا يعلم لم تلْزمهُ إِلَّا فِي الطَّعَام وكل مَا يُوجد مثله فَيلْزمهُ قَالَ المشاور: وَلَا تجوز الْإِقَالَة فِي شَيْء قد دَخلته صَنْعَة من الصَّنَائِع كالخياطة فِي الثَّوْب والدباغ فِي الْجلد وَنَحْو ذَلِك وَيفْسخ إِلَّا أَن يَقُول المقيل: أقيلك على أَن تُعْطِينِي فِي خياطتي أَو دباغتي كَذَا وَكَذَا فَرضِي بذلك وإلَاّ فَلَا اه. فَقَوْل المشاور: وَلَا تجوز الْإِقَالَة يَعْنِي لَا تلْزم حَيْثُ لم يعلم بتغيره وَظُهُور تغيره كعيب بِهِ فَلَا بُد من رِضَاهُ بِهِ، وَإِذا علم بالتغير وَسكت عَن دفع الْأُجْرَة فَلَا تلْزم أَيْضا بِدَلِيل الِاسْتِثْنَاء بعده فَيكون مُوَافقا لِابْنِ عيشون لِأَن الصَّنْعَة فَوت وتزيد وتنقص فَلَا تلْزم الْإِقَالَة للمقال إِلَّا بعد علمه بالتغير ورضاهما على أَخذ الْأُجْرَة وَدفعهَا أَو على تَركهَا، وَإِلَّا فسخت الْإِقَالَة. هَذَا هُوَ المُرَاد فَقَوله: كالغزل الخ. أخرج بِهِ المثلى لِأَنَّهُ وَإِن تغير وَهُوَ لَا يعلم بتغيره فالإقالة فِيهِ لَازِمَة وَيَأْخُذ مثله وَلَا كَلَام لوَاحِد مِنْهُمَا كَمَا تقدم، وَبِهَذَا التَّقْرِير يَنْتَفِي إِشْكَال الشَّارِح حَيْثُ قَالَ: لم يتَبَيَّن لي وَجه فسخ الْإِقَالَة إِذا رَضِي الْمقَال بذهاب عمله مجَّانا، فَكَمَا يجوز لَهُ قبض أُجْرَة ذَلِك يجوز أَن يتْركهُ مجَّانا اه. لما علمت أَنه لَيْسَ مُرَاد المشاور دفع الْأُجْرَة حتما وَأَنَّهَا لَا تجوز إِلَّا بدفعها لما علمت من أَن الْإِقَالَة بيع فَتجوز بِالْمثلِ أَو بِأَقَلّ أَو بِأَكْثَرَ حصل تغير فِي الْمَبِيع كتفصيل الثَّوْب وخياطته أم لَا. وَإِنَّمَا مُرَاده أَنَّهَا لَا تلْزمهُ عِنْد التَّنَازُع فِي كَونهَا وَقعت على دفع الْأُجْرَة أَو على تَركهَا إِلَّا مَعَ الْبَيَان أَو رضَا الْمقَال بدفعها بعد علمه بالتغير، فَكَلَام المشاور تَفْسِير لكَلَام ابْن الْمَاجشون لَا أَنه مُسْتَقل كَمَا فهموه، وَأما قَول من قَالَ وَجه منعهَا بعد حُدُوث الصَّنْعَة هُوَ تُهْمَة سلف جر نفعا فَغير سديد لما علمت أَن الْغَيْبَة على الْمُقَوّم الْمعِين لَا تعد سلفا كَمَا مر فِي غير مَا مَوضِع، وَيلْزم عَلَيْهِ أَن من اشْترى سلْعَة وأحدث فِيهَا صَنعته لَا يَبِيعهَا من بَائِعهَا إِلَّا بعد دفع أُجْرَة الصَّنْعَة، وَهَذَا لَا يَقُوله أحد، وَقد تحدث الصَّنْعَة فِيهَا نقصا، وَأَيْضًا أَي نفع يحصل للمقترض بالغيبة على الْجلد وَالثَّوْب والغزل حَتَّى يحملهُ ذَلِك على الاستقراض ويتهم عَلَيْهِ وَالله أعلم. وَلَا يُقَالُ حَيْثُ لَمْ يَأْتِ الأَجَلْ بِثَمنٍ أدْنى وَلَا وَقْتٍ أَقَلْ (وَلَا يُقَال) مضارع أقَال مَبْنِيّ للْمَفْعُول أَي لَا تجوز الْإِقَالَة لمن بَاعَ ثوبا بِعشْرَة إِلَى شهر مثلا (حَيْثُ لم يَأْتِ الْأَجَل) الَّذِي هُوَ آخر الشَّهْر (بِثمن أدنى) كثمانية نَقْدا (وَلَا وَقت) أَي: وَلَا لوقت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute