ثمَّ قَالَ الأَجْهُورِيّ الْمَذْكُور: وَالْحَاصِل أَن البيع يفْسد بِهَذَا الشَّرْط اتِّفَاقًا بِخِلَاف الْإِقَالَة فَفِيهَا خلاف يَعْنِي: والمعول عَلَيْهِ الْجَوَاز قَالَ: وَهنا أُمُور يَنْبَغِي التنبه لَهَا. الأول، قَالَ ابْن رشد: إِنَّمَا جَازَ هَذَا الشَّرْط فِي الْإِقَالَة لِأَنَّهَا مَعْرُوف فعله مَعَه وَاشْتِرَاط أَن يُكَافِئهُ عَلَيْهِ بِمَعْرُوف فَلَزِمَ ذَلِك فِيهَا بِخِلَاف البيع اه. وَهَذَا هُوَ وَجه الْفرق بَين البيع وَالْإِقَالَة. الثَّانِي: قَالَ فِي النَّوَادِر: من أقَال بَائِعه من حَائِط اشْتَرَاهُ على أَنه مَتى بَاعه البَائِع فَهُوَ للمقيل بِالثّمن الَّذِي يَبِيعهُ بِهِ فَرضِي ثمَّ بَاعه فَقَامَ المقيل بِشَرْطِهِ كَانَ ذَلِك لَهُ وَيرد البيع وَيَأْخُذهُ بِالثّمن الَّذِي بَاعه بِهِ اه وَقَوله: كَانَ ذَلِك لَهُ أَي كَانَ لَهُ الْقيام بِشَرْطِهِ. وَقَوله: وَيرد البيع وَيَأْخُذهُ أَي فَهُوَ إِنَّمَا يَأْخُذهُ بعد علمه بِهِ، فَلَيْسَ هُوَ من الشِّرَاء بِثمن مَجْهُول. وَالْحَاصِل أَنه إِن قَالَ فِي مَسْأَلَة الْإِقَالَة: إِن بِعته فَهُوَ لي بِالثّمن الأول فَإِنَّهُ يكون لَهُ بِمُجَرَّد البيع إِلَّا أَن يَشَاء عدم أَخذه، وَأما إِن قَالَ: إِن بِعته فَهُوَ لي بِالثّمن الَّذِي تبيعه بِهِ فَإِنَّهُ لَا يكون لَهُ إِن شَاءَ أَخذه إِلَّا بعد معرفَة الثّمن الَّذِي بيع بِهِ لَا قبل ذَلِك لِئَلَّا يكون من الْمَبِيع بِثمن مَجْهُول. الثَّالِث: لم يعينوا حد الْقرب وَلَا حد الْبعد فِي هَذَا الْموضع، وَقد ذكرُوا فِي مَسْأَلَة النِّكَاح أَن الْبعد السنتان كَمَا ذكره الشَّارِح عِنْد قَول المُصَنّف، وَفِي تشطير هَدِيَّة الخ. والأنسب تَفْسِير الْقرب هُنَا بِمَا فسر بِهِ الْقرب فِي الثنيا المحدودة بِأَجل فَإِنَّهُم فسروا الْقرب فِيهَا بِالْيَوْمِ وَنَحْوه اه. كَلَام الأَجْهُورِيّ بِاخْتِصَار. وَسُوِّغَتْ إقَالَةٌ فِيمَا اكْتُرِي إنْ لَمْ يَكُنْ أَعْطَى الكِرَاءَ الْمُكْتَرِي (وسوغت إِقَالَة فِيمَا اكتري) من دَار أَو دَابَّة أَو غَيرهمَا (إِن لم يكن أعْطى الْكِرَاء الْمُكْتَرِي) . وَظَاهره جَوَازهَا حَيْثُ لم يكن أعْطى الْكِرَاء سَوَاء سكن بعض الْمدَّة أَو ركب بعض الْمسَافَة أَو لم يسكن وَلم يركب وَهُوَ كَذَلِك، وَمَفْهُوم الشَّرْط أَن الْإِقَالَة بعد نقد الْكِرَاء لَا تجوز وَهُوَ كَذَلِك إِن كَانَ سكن بعض الْمدَّة أَو ركبهَا لِأَنَّهُ كِرَاء وَسلف كسلع بَاعهَا وَقبض ثمنهَا وَغَابَ عَلَيْهِ غيبَة يُمكنهُ الِانْتِفَاع بِهِ، ثمَّ أقَال من بَعْضهَا لتهمة بيع وَسلف كَمَا تقدم فِي الْبَيْت الأول من هَذَا الْفَصْل، وَهُوَ مَفْهُوم قَول (خَ) فِي الْعُيُوب: وإقالة من الْجَمِيع، فمفهومه إِذا كَانَت من الْبَعْض لَا تجوز إِن كَانَ قد غَابَ على الثّمن الَّذِي لَا يعرف بِعَيْنِه، وَقد أَشَارَ فِي كِرَاء الدَّابَّة لذَلِك أَيْضا حَيْثُ قَالَ عاطفاً على الْجَوَاز وإقالة بِزِيَادَة قبل النَّقْد وَبعده إِن لم يغب، وإلَاّ فَلَا إِلَّا من الْمُكْتَرِي فَقَط إِن اقْتصر أَو بعد سير كَبِير الخ. وَأما إِن نقد الْكِرَاء وَلم يسكن وَلم يركب فالإقالة جَائِزَة إِذْ لَا يلْزم عَلَيْهَا شَيْء، فمفهوم الشَّرْط فِي النّظم فِيهِ تَفْصِيل كَمَا ترى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute