وَامْتَنَعَ التَّصْييرُ لِلصَّبِيِّ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَا أَبٍ أَوْ وَصِيِّ (وَامْتنع التصيير) من مَدين عَلَيْهِ دين (للصَّبِيّ إِن لم يكن) الصَّبِي (ذَا أَب أَو وَصِيّ) أَو مقدم بل كَانَ مهملاً، وَإِنَّمَا امْتنع لِأَنَّهُ تصيير يتَأَخَّر قَبضه إِذا قبض الصَّبِي كلا قبض فيدخله فسخ الدّين فِي الدّين على مَا مر. وَالتَّعْلِيل بِكَوْن قبض الصَّبِي يتَعَذَّر لكَونه كلا قبض نَحوه لِابْنِ سَلمُون عَن ابْن فتحون، وَمَعْنَاهُ أَن الصَّبِي بِالْخِيَارِ فِي إِمْضَاء عقد التصيير إِن رشد كَمَا قَالَ (خَ) فِي الْحجر: وَله إِن رشد الخ. فَيكون حِينَئِذٍ تصييراً بِخِيَار وَهُوَ مَمْنُوع على الْمَذْهَب كَمَا مر، فَقَبضهُ حِينَئِذٍ كَالْعدمِ وَبِهَذَا يُفَارق حكم الْهِبَة الَّتِي يعْتَبر فِيهَا قَبضه كَمَا يَأْتِي فِي قَوْله: ونافذ مَا حازه الصَّغِير الخ. وَبِهَذَا يعلم أَنه لَا مَفْهُوم لقَوْله للصَّبِيّ، بل المُرَاد الْمَحْجُور وَلَو بَالغا، وَمَفْهُوم الشَّرْط الْجَوَاز إِذا قَبضه الْأَب أَو الْوَصِيّ من الْمصير فَإِن تَأَخّر قبضهما جرى على مَا مر، فَإِن كَانَ الْأَب وَالْوَصِيّ هما المصيران للمحجور فِي دين مَعْلُوم لَهُ عَلَيْهِمَا وحازا ذَلِك لَهُ صَحَّ وَجَاز لِأَن كلا مِنْهُمَا يحوز لمحجوره مَا يعرف بِعَيْنِه، وَإِن لم تشاهد الْبَيِّنَة حوزهما بل إقرارهما بالحوز لَهُ كَاف، وَإِن قدما من يحوز لَهُ فَكَذَلِك قَالَه فِي المعيار عَن أبي الضياء مِصْبَاح وَأبي الْحسن الصَّغِير قَالَ أَبُو الْعَبَّاس الملوي: اسْتُفِيدَ من ذَلِك أَن حِيَازَة الْأَب لِابْنِهِ مَا صيره لَهُ فِي دين ترَتّب لَهُ عَلَيْهِ مَاض كَمَا اسْتُفِيدَ مِنْهُ أَن الِاعْتِرَاف بالحوز كَاف حَتَّى فِيمَا يحوزه الْأَب أَو نَائِبه للِابْن، وَيفهم مِنْهُ أَيْضا أَن اعْتِرَاف الْمصير وَحده كَاف، وَلَكِن الْمَسْأَلَة مَفْرُوضَة فِي التصيير للمحجور اه. قلت: تقدم أَن الِاعْتِرَاف بالحوز كَاف على الْمَشْهُور، وَلَو كَانَ التصيير لغير الْمَحْجُور وأنهما إِذا اخْتلفَا فِي فَور الْحِيَازَة وَعدم فوريتها فَالْقَوْل لمُدعِي فوريتها لِأَن ذَلِك رَاجع لدعوى الصِّحَّة وَالْفساد فِي البيع، وَهُوَ صَرِيح فِي أَن الِاعْتِرَاف بالحيازة من أَحدهمَا كَاف وَلَو فِي غير الْمَحْجُور فَلَا حَاجَة لقَوْله: وَلَكِن الْمَسْأَلَة مَفْرُوضَة الخ. وَقَوْلِي فِي دين مَعْلُوم لَهُ عَلَيْهِمَا احْتِرَازًا مِمَّا إِذا كَانَ الدّين مَجْهُولا أَصله أَو قدره فَيجوز أَيْضا كَمَا قَالَ: والأَبُ كَالْوَصِيِّ فِي التَّصْييرِ تَمَخِّيَاً بالجْهْلِ لِلْمَحْجُورِ (وَالْأَب كالوصي فِي التصيير) للمحجور (تمخياً) أَي تبرياً من تمخيت من الشَّيْء إِذا تبرأت مِنْهُ وتحرجت قَالَه الْجَوْهَرِي وَهُوَ مفعول لأَجله أَي لأجل التمخي (ب) سَبَب (الْجَهْل) بِقدر مَا فِي الذِّمَّة أَو بِأَصْلِهِ (للمحجور) يتَعَلَّق بالتصيير أَي وَيصير الْوَصِيّ أَو الْأَب لمحجوره مَا يتحَرَّى بِهِ بَرَاءَة ذمَّته حَيْثُ جهل قدر الدّين أَو جهل أَصله وَالْأول وَاجِب وَالثَّانِي مَنْدُوب، وَيصِح قَبضه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute