والطول وَلَا عَقْلِي حَقِيقِيّ كَالْعلمِ والحلم (قاما) بالإنسان (يقبل) هُوَ أَي ذَلِك الْوَصْف الاعتباري الَّذِي يقدر قَائِما بِهِ (الِالْتِزَام) بِمَا الْتَزمهُ اخْتِيَارا من نَفَقَة يَتِيم وَنَحْوهَا (و) يقبل أَيْضا (الإلزاما) لما ألزمهُ الشَّرْع إِيَّاه من زَكَاة وَأرش جِنَايَة وَنَحْو ذَلِك وَظَاهره أَن الصَّبِي والمحجور لَا ذمَّة لَهما إِذْ لَا يلْزمهُمَا مَا التزماه اخْتِيَارا وَهَذَا نَحْو قَول الْقَرَافِيّ: الذِّمَّة معنى شَرْعِي يقدر فِي الْمُكَلف قَابل للالتزام واللزوم أَي: الْإِلْزَام. وَهَذَا الْمَعْنى جعله الشَّرْع مسبباً عَن أَشْيَاء خَاصَّة مِنْهَا: الْبلُوغ، وَمِنْهَا الرشد فَمن بلغ سَفِيها لَا ذمَّة لَهُ، وَمِنْهَا ترك الْحجر كَمَا فِي الْفلس، فَمن اجْتمعت لَهُ هَذِه الشُّرُوط رتب الشَّرْع عَلَيْهَا تَقْرِير معنى يقبل إِلْزَامه أروش الْجِنَايَات وَأجر الْإِجَارَات وأثمان الْمُعَامَلَات وَنَحْو ذَلِك من التَّصَرُّفَات، وَيقبل الْتِزَامه إِذا الْتزم شَيْئا اخْتِيَارا من قبل نَفسه، وَهَذَا الْمَعْنى الْمُقدر هُوَ الَّذِي تقرر فِيهِ الْأَجْنَاس الْمُسلم فِيهَا وأثمان المبيعات وصدقات الْأَنْكِحَة وَسَائِر الدُّيُون وَمن لَا يكون لَهُ هَذَا الْمَعْنى مُقَدرا فِي حَقه لَا ينْعَقد فِي حَقه سلم وَلَا ثمن إِلَى أجل وَلَا حِوَالَة وَلَا حمالَة وَلَا شَيْء من ذَلِك، ثمَّ قَالَ: الذِّمَّة يشْتَرط فِيهَا الْبلُوغ من غير خلاف أعلمهُ ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي يظْهر لي وأجزم بِهِ أَن الذِّمَّة من خطاب الْوَضع ترجع إِلَى التقادير الشَّرْعِيَّة وَهُوَ إِعْطَاء الْمَعْدُوم حكم الْمَوْجُود الخ. يَعْنِي لِأَن الذِّمَّة لَيست مَوْجُودَة فِي الْخَارِج، وَلكنهَا تُعْطِي حكم الْمَوْجُود فِيهِ، وَهَذَا الَّذِي ظهر لَهُ وَجزم بِهِ من كَونهَا من خطاب الْوَضع هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْن الشَّاط قَالَ: وَالْأولَى عِنْدِي أَن الذِّمَّة قبُول الْإِنْسَان شرعا للُزُوم الْحُقُوق دون التزامها، فعلى هَذَا يكون للصَّبِيّ ذمَّة لِأَنَّهُ يلْزمه أرش الْجِنَايَات وقيم الْمُتْلفَات، وَمَا ذَاك إِلَّا لكَونهَا من خطاب الْوَضع الَّذِي لَا يشْتَرط فِيهِ تَكْلِيف وَلَا غَيره كَمَا قَالَ (خَ) : وَضمن مَا أفسد إِن لم يُؤمن عَلَيْهِ الخ. وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَة: وَمن أودعته حِنْطَة. فخلطها صبي أَو أَجْنَبِي بشعير للْمُودع ضمن الصَّبِي ذَلِك فِي مَاله، فَإِن لم يكن لَهُ وَقت ذَلِك مَال فَفِي ذمَّته، قَالَ الشَّيْخ المسناوي: وَإِثْبَات الذِّمَّة للصَّبِيّ كَمَا قَالَ ابْن الشَّاط صَحِيح، وَعَلِيهِ فَلَا يشْتَرط فِي الذِّمَّة التَّمْيِيز فضلا عَن التَّكْلِيف، فالذمة ثَابِتَة للمميز اتِّفَاقًا وَلغيره على الرَّاجِح. قَالَ: وَابْن عَاصِم إِنَّمَا درج فِي تحفته على مَا للقرافي وفَاقا للأجهوري وتلميذ (ز) لَا على مَا لِابْنِ الشَّاط خلافًا للشَّيْخ (م) كَمَا هُوَ مُبين اه. انْظُر تأليفه الْمُسَمّى: بِصَرْف الهمة إِلَى تَحْقِيق معنى الذِّمَّة، وَكَونه فِي الذِّمَّة هُوَ أول الشُّرُوط فِي النّظم، وَثَانِيهمَا مَا أَشَارَ بقوله: وَشَرْطُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ أَنْ يُرَى مُتَّصِفاً مُؤَجَّلَا مُقَدَّرا (وشروط مَا يسلم فِيهِ أَن يرى متصفاً) أَي مضبوطاً بِالصّفةِ الَّتِي تخْتَلف بهَا الْأَغْرَاض فِي السّلم اخْتِلَافا يتَغَابَن بِهِ عَادَة بِخِلَاف مَا لَا يتَغَابَن بِهِ لسهولته فَلَا يحْتَاج لبيانه (خَ) : وَإِن تبين صِفَاته الَّتِي تخْتَلف بهَا الْقيمَة فِي السّلم عَادَة كالجودة والرداءة وَبَينهمَا واللون فِي الْحَيَوَان وَالثَّوْب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute