للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومُكْتَرٍ أرْضاً وبَعْدَ أَنْ حَصَدْ أصَابَ زَرْعَهُ انْتِثَارٌ بالبَرَدْ (ومكتر أَرضًا) فزرعها (وَبعد أَن) طَابَ زَرعهَا وَقبل أَن يحصده الْمُكْتَرِي أَو بعد أَن (حصد) هـ وَجعله قثاء فِي الفدان أَو الأندر (أصَاب زرعه) فِي الْحَالَتَيْنِ (انتثار بالبرد) وَنَحْوه. فَنَابِتٌ بَعْدُ مِنَ المُنْتَثِرِ هُوَ لِرَبِّ الأرْضِ لَا للْمُكْتَري (فنابت بعد) فِي السّنة الْقَابِلَة (من) ذَلِك الزَّرْع (المنتثر هُوَ لرب الأَرْض) الْمَالِك للفدان أَو الأندر (لَا للمكتري) على الْأَصَح، وَهُوَ مَذْهَب ابْن الْقَاسِم فِي الْعُتْبِيَّة، وَقيل: يكون لزارعه وَعَلِيهِ لرب الأَرْض كراؤها كَمَا إِذا تمت السّنة وَله زرع أَخْضَر، وَظَاهر النّظم أَنه لرب الأَرْض وَلَو انتثر كُله بالبرد وَهُوَ كَذَلِك فَفِي سَماع عِيسَى: من اكترى أَرضًا فزرعها فَلَمَّا استحصد زرعه أَتَاهُ برد أسقط حبه كُله فِي الفدان فأخلف فَهُوَ لرب الأَرْض لَا للمكتري لِأَن سنته قد انْقَضتْ كَقَوْل مَالك فِيمَن جر السَّيْل زرعه لأرض غَيره فنبت، ابْن رشد الْقيَاس صَحِيح، وَلَا فرق بَينهمَا لِأَن الْبذر مستهلك فِي كلتا الْحَالَتَيْنِ لَا يقدر صَاحبه على أَخذه من أَرض غَيره، وَمعنى قَوْله فِي الْمُدَوَّنَة: جر السَّيْل زرعه أَي بذره لقَوْله: فنبت لِأَن الزَّرْع لَا يُقَال فِيهِ نبت اه. وَإِلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ أَشَارَ (خَ) بقوله: وَإِن انتثر للمكتري حب فنبت قَابلا فَهُوَ لرب الأَرْض كمن جَرّه السَّيْل إِلَيْهِ الخ. وَالضَّمِير فِي قَوْله جَرّه يعود على الْحبّ أَي الْبذر، وَأما إِذا جَرّه إِلَيْهِ بعد نَبَاته فَقيل: هُوَ لرب الأَرْض أَيْضا، وَظَاهر الشَّامِل أَنه الْمَشْهُور، وَقيل هُوَ لزارعه وَرجحه الرهوني فِي حَاشِيَته مستدلاً على ذَلِك بأنقال، وَلَكِن لَا يظْهر مِنْهَا مَا أَشَارَ لَهُ من التَّرْجِيح لمن تَأمل وأنصف وَالله أعلم. وَلَا مَفْهُوم لقَوْل النَّاظِم بالبرد، بل لَو انتثر بِسَبَب الْحَصاد لَكَانَ لرب الأَرْض أَيْضا. أَبُو الْحسن: اتِّفَاقًا لِأَن شَأْن الْحَصاد أَن ينتثر مِنْهُ الْحبّ وَالْعَادَة أَن من تَركه لَا يعود إِلَيْهِ أَي: فَلَا يجْرِي فِيهِ الْخلاف الْجَارِي فِي المنتثر بالبرد، وَمَفْهُوم قَوْله: انتثار أَنه إِذا زرع وَلم ينْبت فِي سنة بذره وَنبت فِي السّنة الْقَابِلَة أَن الزَّرْع لَا يكون للمكتري بل لرَبه وَهُوَ كَذَلِك وَعَلِيهِ كراؤه وكراء الْعَام الَّذِي لم ينْبت فِيهِ إِن كَانَ لغير عَطش قَالَه (ز) وَأَصله لِابْنِ بشير فَإِن زرع فِي أرضه خلاف ذَلِك النَّوْع فنبتا مَعًا فَلِكُل زرعه إِن عرف وتبعيض الْكِرَاء عَلَيْهِمَا انْظُر الشَّامِل وَشَرحه. وَمَفْهُوم قَوْله: فنابت أَنه إِذا أنجر إِلَيْهَا حب من الأندر وَلم ينْبت بل لَا زَالَ على وَجه الأَرْض فلربه أَخذه وَلَا يكون لرب الأَرْض، وَأما الشّجر يجره السَّيْل لأرض الْغَيْر فينبت فِيهَا فَلَيْسَ حكمه حكم الزَّرْع، بل ينظر فَإِن كَانَت إِن وَقعت وَردت إِلَى أرضه نَبتَت فِيهَا فَلهُ قلعهَا وإلَاّ فللآخر دفع قِيمَته حطباً أَو أمره بقلعه قَالَه سَحْنُون.

<<  <  ج: ص:  >  >>