للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والسفن كَائِن على وَجْهَيْن إِمَّا على الضَّمَان كأكتري مِنْك ركُوب دَابَّة أَو سفينة إِلَى مَوْضُوع كَذَا، أَو أكتري مِنْك دابتك الْبَيْضَاء أَو السَّوْدَاء أَو الَّتِي عنْدك أَو أَكْرِي لَك دَابَّتي وَلَيْسَ لي غَيرهَا، فَهَذِهِ الصُّور كلهَا من الْمَضْمُون، وَإِمَّا على التَّعْيِين كأكتري مِنْك دابتك هَذِه إِلَى مَحل كَذَا، فالكراء الْمعِين هُوَ مَا وَقع العقد فِيهِ على مشار إِلَيْهِ والمضمون مَا كَانَ بِخِلَافِهِ. ابْن الْمَوَّاز: وَلَو اكترى مِنْهُ دَابَّة أَو سفينة ليحمله لبلد كَذَا وَلَا يعلم لَهُ غَيرهَا وَقد أحضرها رَبهَا عِنْد العقد وَلم يقل تحملنِي على هَذِه، فَهُوَ على الضَّمَان وعَلى الْمكْرِي خلفهَا إِذا هَلَكت حَتَّى يصل الْغَايَة اه. قَالُوا: لِأَن الْكِرَاء الْمَضْمُون كَشِرَاء سلع مَضْمُونَة إِذا هَلَكت قبل الْقَبْض أَو اسْتحقَّت مُطلقًا لزمَه أَن يَأْتِيهِ بِمِثْلِهَا، وَإِذا قدم فِيهِ الْمكْرِي دَابَّة للمكتري فركبها فَلَيْسَ لَهُ أَن يزيلها من تَحْتَهُ إِلَّا بِرِضَاهُ والكراء الْمعِين إِذا هلك قبل الْغَايَة انْفَسَخ الْكِرَاء وَلَا يلْزمه أَن يَأْتِيهِ بغَيْرهَا لِأَنَّهُ كَشِرَاء السّلْعَة الْمعينَة من مَكِيل وموزون إِذا هلك قبل أَن يُوفيه كَيْله أَو وَزنه انْفَسَخ البيع، فَإِذا تَرَاضيا بعد الْفَسْخ فِي الْمعينَة على أَن يخلفها بغَيْرهَا وَكَانَ لم ينْقد جَازَ لِأَنَّهُ كِرَاء مُسْتَأْنف، وَإِن كَانَ نقد لم يجز لِأَنَّهُ فسخ دين فِي دين إِلَّا أَن يكون فِي مفازة أَي مَحل لَا يجد فِيهِ دَابَّة للكراء، فَيجوز حِينَئِذٍ وَإِن أدّى لفسخ الدّين قَالَ ابْن الْمَوَّاز: وَلَا يجوز اسْتِئْجَار عبد أَو دَابَّة أَو سفينة بِعَيْنِه على أَنه إِن هلك أَتَاهُ بِمثلِهِ كَمَا أَنه لَا يجوز بيع شَيْء بِعَيْنِه على أَنه إِن هلك قبل الْقَبْض ضمن البَائِع مثله سَوَاء كَانَ الْمَبِيع حَيَوَانا أَو طَعَاما أَو عرضا اه. وَإِذا وَقع الْكِرَاء على الضَّمَان فَلَا بُد أَن يذكر جنس الدَّابَّة ككونها من الْخَيل أَو البغال ونوعها من برذون وعربي وذكورة وأنوثة كَمَا قَالَ (خَ) : وَإِن ضمنت بِجِنْس وَنَوع وذكورة الخ. وَإِذا كَانَت مُعينَة واكتراها للرُّكُوب فَيَنْبَغِي أَن يختبر سَيرهَا ليعلم سرعتها من بطئها، فَرب دَابَّة كَمَا قَالَ مَالك الْمَشْي خير من ركُوبهَا، فَإِن لم يختبرها لم يلْزمه الْكِرَاء، ثمَّ مَحل ذكر الْجِنْس وَالنَّوْع فِي الْمَضْمُونَة إِنَّمَا هُوَ إِذا أكريت للرُّكُوب، وَأما على كرائها للْحَمْل وَنَحْوه فَلَا يحْتَاج لذَلِك لعدم تعلق الْأَغْرَاض بِهِ إِلَّا فِي حمل زجاج وَنَحْوه كدهن فَيحْتَاج لوصفها خوف أَن تكون جموحاً أَو عثوراً فتفسده، وَإِذا قدم لَهُ جموحاً أَو عثوراً وَهُوَ عَالم بِأَنَّهُ يحمل عَلَيْهَا ذَلِك، فَالظَّاهِر ضَمَان الْمكْرِي حَيْثُ لم يعلم الْمُكْتَرِي بِكَوْنِهَا جموحاً أَو عثوراً وَالله أعلم. تَنْبِيهَات. الأول: قَالَ الْبُرْزُليّ: من اكترى دَوَاب بأحلاسها وغرائرها فهربت دَابَّة بحملها فتبعها فَرجع فَوجدَ الْأُخْرَى قد ذهبت فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي الأولى وَلَا فِيمَا عَلَيْهَا إِلَّا أَن يتَبَيَّن كذبه وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَة أَيْضا وَلَا فِيمَا عَلَيْهَا إِن تَركهَا عِنْد ثِقَة وَإِلَّا ضمن اه. قلت: قَوْله: وإلَاّ ضمن الخ. نَحوه قَوْله فِي الدّرّ النثير فِي الرَّاعِي تذْهب الشَّاة فيتبعها وَلَا يتْرك الْغنم عِنْد أحد فتضيع كلهَا أَو بَعْضهَا: أَنه ضَامِن لِأَنَّهُ مفرط حِين علم أَنه مَوضِع الْخَوْف فَرجع إِلَى الْأَقَل وَترك الْأَكْثَر لِأَنَّهُ مَأْمُور بِحِفْظ الْأَكْثَر اه. وَمَفْهُوم قَوْله حِين علم أَنه مَوضِع الْخَوْف الخ. أَنه إِذا علم أَو غلب على ظَنّه أَنه مَحل أَمن لَا ضَمَان عَلَيْهِ، وَمَفْهُوم قَوْله

<<  <  ج: ص:  >  >>