وَرُبمَا يرشد إِلَيْهِ قَول ابْن عَرَفَة: لَا يدْخل هَذَا الْخلاف فِي نَوَازِل وقتنا بتونس لِأَن الْعرف تقرر عِنْدهم بِفَسْخ الْإِجَارَة بِكَثْرَة الْمَطَر ونزول الْخَوْف اه. وَالْعرْف عندنَا بفاس الْيَوْم الْفَسْخ بِحُصُول الْعذر حَتَّى إِنَّك لَا تَجِد اثْنَيْنِ يَخْتَلِفَانِ فِي ذَلِك وَالله أعلم. وَهَذَا كُله فِي تخلف الْمُكْتَرِي للْعُذْر الْمَذْكُور، وَأما لَو خَالف الْمكْرِي فَلم يَأْتِ بالدابة فَقَالَ فِيهَا: وَإِن اكترى دَابَّة إِلَى بلد ليرْكبَهَا فِي غده فأخلفه الْمكْرِي وَلم يَأْته بهَا إِلَّا بعد يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا ركُوبه، وَلَو فَاتَهُ مَا كَانَ يرومه أَي من تشييع رجل وَنَحْوه، وَإِن اكتراها أَيَّامًا مُعينَة انْتقض الْكِرَاء فِيمَا غَابَ مِنْهَا كَالْعَبْدِ الْمُسْتَأْجر شهرا بِعَيْنِه يمرض فِيهِ فتفسخ إِجَارَته اه. فقولها: وَلَو فَاتَهُ مَا كَانَ يرومه الخ. قَالَ ابْن الْمَوَّاز: لِأَن ذَلِك كَشِرَاء سلْعَة بِعَينهَا أَو مَضْمُونَة يَدْفَعهَا غَدا فَمَا لَهُ بذلك حَتَّى فَاتَ مَا يُرِيد فَلَا حجَّة لَهُ، وَإِنَّمَا لَهُ السّلْعَة. وَقَالَ مَالك فِي الْأَضَاحِي: يسلم فِيهَا فيأتيه بهَا بعد أَيَّام النَّحْر اه. وَهُوَ معنى قَول (خَ) عاطفاً على مَا لَا تَنْفَسِخ فِيهِ أَو خلف رب الدَّابَّة فِي غير معِين وَحج، وَإِن فَاتَ مقْصده الخ. تَنْبِيه: إِذا ضلت الدَّابَّة بالمتاع فَلَا كِرَاء لصَاحِبهَا فَإِن أدّى جعلا لمن جَاءَ بهَا فالجعل على رب الدَّابَّة وَإِن ضلت بتفريطه فغرم قيمتهَا، ثمَّ وجدت بعد ذَلِك وَلم تَتَغَيَّر فَأَرَادَ رَبهَا أَخذهَا ورد الْقيمَة فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك وَهِي للَّذي غرم قيمتهَا كَمَا فِي ابْن سَلمُون. وَفِي الْمُدَوَّنَة وكل مَا عطب من سَبَب حامله من دَابَّة أَو غَيرهَا فَلَا كِرَاء فِيهِ إِلَّا على الْبَلَاغ، وَلَا يضمن الْجمال إِلَّا أَن يغر أَي يتَعَدَّى، وَكَذَلِكَ مَا حمله الرجل على ظَهره فَعَطب فَلَا كِرَاء لَهُ وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ السَّفِينَة إِذا غرقت فِي ثُلثي الطَّرِيق فَلَا كِرَاء لَهَا وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي شَيْء مِمَّا فِيهَا. وَرَأى مَالك أَن ذَلِك على الْبَلَاغ. ابْن يُونُس: وَجه قَول مَالك إِنَّه إِنَّمَا دفع إِلَيْهِ الْكِرَاء ليحصل لَهُ غَرَضه فَلم يحصل لَهُ شَيْء فَأشبه ذَلِك الْجعل الَّذِي بطلَان تَمَامه من أجل الْأَجِير، وَأَيْضًا الْعرف قد جرى بَين النَّاس أَن الْكِرَاء فِي ذَلِك على الْبَلَاغ فَكَانَ الْمكْرِي دخل عَلَيْهِ إِلَّا أَن يشْتَرط عَلَيْهِ كل مَا سَار شَيْئا أَخذ بِحِسَابِهِ فَلهُ ذَلِك اه. وَوَاجِبٌ تَعْيينُ وَقْتِ السَّفَرِ فِي السُّفُنِ وَالْمَقَرِّ لِلّذِي اكتُرِي (وواجب تعْيين وَقت السّفر فِي) كِرَاء (السفن) بِسُكُون الْفَاء لضَرُورَة الْوَزْن، وَكَذَا يجب تعْيين وَقت السّفر فِي كِرَاء الدَّابَّة أَيْضا لاخْتِلَاف الْأَسْفَار غلاء ورخصاً باخْتلَاف الْأَوْقَات فِي كرائهما مَعًا فَلَا مَفْهُوم للسفن فِي وجوب التَّعْيِين (و) وَجب أَيْضا تعْيين (الْمقر) الَّذِي يَنْتَهِي إِلَيْهِ السّير وَيُوضَع الْمَتَاع فِيهِ (للَّذي اكتري) وَلَا يضربا لذَلِك أَََجَلًا لاخْتِلَاف الرِّيَاح وَالسير فِي الدَّابَّة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute