للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صرفت مِنْهُ دِينَارا بدرهم على أَن تَأْخُذ بهَا سمناً أَو زيتاً وَتسَمى صفته ومقداره نَقْدا أَو مُؤَجّلا، أَو على أَن تقبضها ثمَّ تشتري مِنْهُ هَذِه السّلْعَة لأجل السّلم فَذَلِك جَائِز، وَالْكَلَام الأول لَغْو فَإِن ردَّتْ السّلْعَة بِعَيْب رجعت بدينارك لِأَن البيع إِنَّمَا وَقع بالدينار، وَإِنَّمَا ينظر مَالك إِلَى فعلهمَا لَا إِلَى قَوْلهمَا، وَتَأمل قَول (خَ) فِي الْعَارِية والأطعمة والنقود قرض، وَانْظُر مَا تقدم فِي التَّنْبِيه الْخَامِس من التصيير فَإِن هُنَاكَ مَا يُوَافقهُ. العَمَلْ الْمَعَلُومُ مِنْ تَعَيينِهِ يَجُوزُ فِيهِ الأَجْرُ مَعْ تَبْيينِهِ (الْعَمَل الْمَعْلُوم من) أجل (تَعْيِينه) أَي تعْيين حَده بِالْعَمَلِ أَو بالأجل وَذكر صفته، فَالْأول كَقَوْلِه: أَو أجرك على صبغ هَذَا الثَّوْب أَو دبغ هَذَا الْجلد أَو خياطَة هَذَا الثَّوْب، وَبَين لَهُ صفة الصَّبْغ والدبغ والخياطة. وَالثَّانِي كَقَوْلِه: أوأجرك على بِنَاء يَوْم أَو خياطَة شهر أَو حراثة يَوْمَيْنِ وَنَحْو ذَلِك، فَالْعَمَل الَّذِي هُوَ الدبغ والصبغ وَنَحْوهمَا لَا بُد أَن يكون مَعْلُوما لَهما، وَلَا بُد أَيْضا أَن يكون محدوداً إِمَّا بالفراغ مِنْهُ كخياطة ثوب وطحن أردب، وَإِمَّا بِضَرْب أجل كخياطة يَوْم أَو صبغه ودبغه وطحنه فالمصنوعات أما أَن تحد بالفراغ وبالأجل وَغَيرهَا كالرعاية والخدمة الْمَعْرُوفَة وَنَحْوهمَا يحد بِضَرْب الْأَجَل لَا غير، فَإِن جمع بَين الْأَجَل وَالْعَمَل كَقَوْلِه: خطّ هَذَا الثَّوْب فِي هَذَا الْيَوْم بدرهم أَو أكتري مِنْك دابتك لتركبها إِلَى مَحل كَذَا فِي هَذَا الْيَوْم أَو أَو أجرك لتوصل الْكتاب لمحل كَذَا فِي هَذَا الْيَوْم أَو الشَّهْر بدرهم، فَهَل تفْسد مُطلقًا أَو إِنَّمَا تفْسد إِن كَانَ الْأَجَل مُسَاوِيا للْعَمَل أَو أنقص مِنْهُ لَا إِن كَانَ الْأَجَل أَكثر من الْعَمَل فَلَا تفْسد فِيهِ؟ خلاف (خَ) : وَهل تفْسد إِن جَمعهمَا وتساويا أَو مُطلقًا؟ خلاف. وَمن ذَلِك الِاسْتِئْجَار على بيع ثوب مثلا، لَكِن لما لم يكن البيع فِي مَقْدُور الْأَجِير كَانَ جعَالَة أَن حَده بِالْعَمَلِ وَهُوَ تَمام الْعَمَل وَإِجَارَة إِن حَده بالزمن وَيسْتَحق أجره بِمُضِيِّ الزَّمن حِينَئِذٍ وَإِن لم يبع (يجوز فِيهِ) أَي فِي ذَلِك الْعَمَل الْمَعْلُوم (الْأجر) أَي تعويض الْأجر الَّذِي هُوَ ثمن للْعَمَل أَي: يجوز معاوضته بِالْأَجْرِ الَّذِي هُوَ ثمن لَهُ وَعَلِيهِ، فَلَا حَاجَة لدعوى الِاسْتِخْدَام (مَعَ تبيينه) أَي الْأجر أَي تَبْيِين جنسه وَقدره وَصفته إِن كَانَ غَائِبا عَن الْمجْلس، وإلَاّ فَلَا حَاجَة لذكر صفته وَلَا جنسه وَقدره، وَتقدم أَن الْإِجَارَة كَالْبيع يشْتَرط فِيهَا مَا يشْتَرط فِيهِ، وَمَفْهُومه أَنه إِذا لم يبين قدر الْأجر لم يجز، وَهُوَ كَذَلِك على الْمَشْهُور. وروى ابْن الْقَاسِم أَنه لَا بَأْس بِاسْتِعْمَال الْخياط المخالط الَّذِي لَا يكَاد يُخَالف مستعمله دون تَسْمِيَة أجر، فَإِذا فرغ أرضاه بِشَيْء يُعْطِيهِ إِيَّاه، وَمن هَذَا أعمل على دَابَّتي فَمَا حصل فلك نصفه، وَعَن ابْن سراج أَنه أجَاز إِعْطَاء السَّفِينَة بالجزء مِمَّا يحصل عَلَيْهَا وَمثله الجباح بالجزء من عسله وَالزَّرْع مِمَّن يَحْرُسهُ بِجُزْء مِنْهُ، وَمذهب السّلف جَوَاز الْإِجَارَة بِجُزْء مِنْهُ قِيَاسا على الْقَرَاض انْظُر (ق) أَوَائِل الْإِجَارَة، وعَلى ذَلِك تخرج أُجْرَة الدَّلال بِربع عشر الثّمن مثلا، وَنَصّ على جَوَازهَا بذلك صَاحب المعيار فِي نَوَازِل الشّركَة وَمِنْه إِعْطَاء الْبَقَرَة لمن يرعاها، بِنصْف زبدها كَمَا فِي نَوَازِل الفاسي، وَقد أجَاز فِي الْمُدَوَّنَة كِرَاء الْبَقَرَة للحرث وَاشْتِرَاط لَبنهَا مَعَ جهل قدره، وَانْظُر مَا يُؤَيّدهُ فِي أول الْمُزَارعَة أَيْضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>