وَكلُّ مَنْ ضَمِنَ شَيْئاً أتْلَفَهْ فَهْوَ مُطَالَبٌ بِهِ أَنْ يُخْلِفَهْ (وكل من ضمن شَيْئا أتْلفه) من مثلى أَو مقوم (فَهُوَ مطَالب) بِفَتْح اللَّام (بِهِ أَن يخلفه) سَوَاء أتْلفه عمدا أَو خطأ. وَفي ذَوَاتِ المِثْلِ مِثلٌ يَجِبُ وَقِيمَةٌ فِي غَيْرِهِ تَسْتَوْجِبُ (وَفِي ذَوَات الْمثل مثل) مُبْتَدأ سوغه تَقْدِيم مَعْمُول الْخَبَر عَلَيْهِ على حد قَول ابْن مَالك: بهَا كَلَام قد يؤم (يجب) خَبره وَالْمَجْرُور يتَعَلَّق بِهِ، وَكَانَ حَقه أَن يفرعه بِالْفَاءِ فَيَقُول فَفِي ذَوَات الْمثل الخ. (وَقِيمَة فِي غَيره) أَي المثلى وَهُوَ الْمُقَوّم (تستوجب) أَي يُوجِبهَا الشَّرْع، والمثلى كل مَا يُكَال أَو يُوزن كالذهب وَالْفِضَّة وَالْحَدِيد والصفر والنحاس وَالْحِنْطَة وَالشعِير وَسَائِر المأكولات، والمقوم مَا لَا يُكَال وَلَا يُوزن كالثياب وَسَائِر الْعرُوض وَالرَّقِيق وَالْحَيَوَان. تَنْبِيه: من اسْتهْلك طَعَاما فِي الغلاء وطولب بِهِ فِي الرخَاء فَإِنَّهُ يلْزمه مثله على الْمَشْهُور، وَكَذَلِكَ من اسْتهْلك فُلُوسًا فَانْقَطع التَّعَامُل بهَا فَإِنَّهُ يلْزمه الْمثل، وَإِذا تعذر الْمثل فَإِنَّهُ يصبر حَتَّى يُوجد كَمَا قَالَ (خَ) فِي الْغَصْب: والمثلى وَلَو بغلاء بِمثلِهِ وصبر لوُجُوده ولبلده الخ. وَقَوْلِي: وطولب بِهِ فِي الرخَاء احْتِرَازًا مِمَّا إِذا طُولِبَ بِهِ فِي الغلاء وَكَانَ مَوْجُودا فماطله الْمُسْتَهْلك أَو الْغَاصِب أَو الْمُقْتَرض حَتَّى رخص فَإِنَّهُ يضمن قِيمَته وَقت الطّلب كَمَا تقدم عِنْد قَول النَّاظِم صدر الْبيُوع: بأضرب الْأَثْمَان والآجال الخ. تَنْبِيه آخر: إِذا أتلف عجل بقرة أَو ولد شَاة فَإِنَّهُ يضمن قيمَة الْعجل وَقت التّلف وَيضمن أَيْضا مَا نقص من حليب الْبَقَرَة أَو الشَّاة على أَنَّهَا تحلب بنتاجها، وَهَذَا إِذا لم يكن اللَّبن هُوَ الْمَقْصُود مِنْهَا وإلَاّ خير الْمَالِك بَين أَن يضمنهُ قيمتهَا أَو يَأْخُذهَا وَمَا نَقصهَا كَمَا أَشَارَ لَهُ (خَ) فِي فصل التَّعَدِّي بقوله: فَإِن أفات الْمَقْصُود كَقطع ذَنْب دَابَّة ذِي هَيْئَة أَو لبن شَاة هُوَ الْمَقْصُود لَا إِن لم يفته كلبن بقرة الخ. وَانْظُر أَيْضا عِنْد قَوْله فِي الدِّمَاء كجنين الْبَهِيمَة، وَانْظُر أَيْضا من أتلف ثَمَرَة قبل بَدو صَلَاحهَا عِنْد قَوْله فِي الشَّهَادَات كالإتلاف بِلَا تَأْخِير للحصول. وَانْظُر شرح الشَّامِل لهَذَا النَّص الَّذِي فِي الشَّهَادَات من رعى كرماً أَو أشجاراً، وَانْظُر من أتلف زرعا قبل بَدو صَلَاحه عِنْد قَوْله فِي الشّرْب: وَمَا أتلفته الْبَهَائِم لَيْلًا الخ. أَي فَإِنَّهُ يغرم قِيمَته على الرَّجَاء وَالْخَوْف، قَالَ ابْن رشد: وَلَا خلاف فِي تقويمه إِذا أيس من عوده لهيئته، وَأما إِن رعى صَغِيرا أَو رجى أَن يعود لهيئته فَاخْتلف هَل يستأني بِهِ أم لَا؟ فَقَالَ مطرف: إِنَّه لَا يستأني بِهِ، وَقَالَ سَحْنُون: يستأني بِهِ، وَإِذا حكم بِالْقيمَةِ فِيهِ على قَول مطرف ثمَّ عَاد لهيئته مَضَت الْقيمَة لصَاحب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute