للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المشهد، وَمن فِي حكمه، فَهُوَ أصل. وَمِثَال تناقضه أَن يشهدهم أَن الدَّار الْفُلَانِيَّة مثلا ورثهَا عَن أَبِيه وَلَا زَالَ يتَصَرَّف فِيهَا مُنْذُ تَملكهَا بِالْهبةِ أَو الشِّرَاء من فلَان الخ. أَو يشهدهم أَنه حَبسهَا على أَوْلَاده وَأَعْقَابهمْ حبسا مُؤَبَّدًا تكون مَالهم وملكهم وَنَحْو ذَلِك، وَكَأن يكون صدر الرَّسْم استرعائياً وعجزه أَصْلِيًّا مثل أَن يَقُول: يشْهد من يضع اسْمه بِأَن فلَانا غصب جَمِيع كَذَا من فلَان فِي وَقت كَذَا شهد على إِشْهَاد الْغَاصِب بِالْغَصْبِ الْمَذْكُور، وَكَذَا الْعَكْس. وَلذَا قَالَ الشَّارِح: يجب الاهتمام بصيغ الْأَلْفَاظ لتَكون متفقة فِي الصَّدْر والإعجاز لِئَلَّا يلتبس حكم كل مِنْهُمَا أَي من الأَصْل والاسترعاء بِحكم الآخر فيفضي إِلَى اخْتِلَاف الْمَعْنى اه. وَقَوله: كاختلاف قَول الخ. مِثَال على اللف والنشر الْمُرَتّب أَي كاختلاف قَول الشَّاهِد فِي الاسترعاء واضطراب مقَال المشهد فِي الأَصْل كَمَا قَررنَا وَالضَّمِير الْمَجْرُور بالْقَوْل فِي قَوْله أَو بمضادة قَوْله الخ. يعود على الْمَشْهُود لَهُ الَّذِي هُوَ صَاحب الْحق الْمَفْهُوم من السِّيَاق لَا على المشهد السَّابِق لفساد الْمَعْنى لِأَن المشهد هُوَ الْمَحْكُوم عَلَيْهِ فَهُوَ مشهود عَلَيْهِ لَا لَهُ، ومثاله أَن يشهدَا لَهُ بالملكية للْفرس مثلا وَأَنه من نتاج كَسبه فيعترف هُوَ أَنه تملكه بِالشِّرَاءِ، وَمن هَذَا مَا فِي معاوضات المعيار عَن سَيِّدي مِصْبَاح فِيمَن اشْترى أَرضًا فَسئلَ عَن ثمنهَا فَقَالَ كَذَا، فَلَمَّا أَقَامَ الْبَيِّنَة بابتياعه شهِدت بِأَقَلّ من الثّمن الَّذِي ذكره أَو بِأَكْثَرَ قَالَ: إِنَّه مكذب لبينته فِي الابتياع خَاصَّة على الْمَشْهُور الْمَعْمُول بِهِ وَلَيْسَ مُكَذبا لَهُم فِيمَا يُصدقهُمْ فِيهِ من غير تِلْكَ الْقَضِيَّة إِذْ لَا يجرح الشَّاهِد بِالْكَذِبِ حَتَّى يكون مجرباً عَلَيْهِ اه. ثمَّ ذكر عَنهُ فِي مثلهَا بعد ذَلِك بِنَحْوِ الورقتين أَنه لَا يكون مُكَذبا إِن ادّعى النسْيَان أَو الْغَلَط إِلَّا أَن يكون فِي خصام فَيكون مُكَذبا لِأَنَّهُ مَوضِع التَّحَرُّز اه. وَمِنْه مَا فِي تبصرة اللَّخْمِيّ فِيمَن شهد أَن فلَانا ذبح فلَانا وَشهد الآخر أَنه أحرقه، والمشهود عَلَيْهِ مُنكر الشَّهَادَتَيْنِ فَإِن قَامَ الْأَوْلِيَاء بِالشَّهَادَتَيْنِ بَطل الدَّم، وَإِن قَامُوا بِإِحْدَاهُمَا أَقْسمُوا مَعَه اه. وَإِنَّمَا بطلتا مَعًا إِذا قَامُوا بهما لِأَن من أدلى برسم فَهُوَ قَائِل بِهِ فهم يَقُولُونَ بِلِسَان الْحَال ذبحه أحرقه فقد كذبا كلا مِنْهُمَا وَقد تقدم كثير من هَذَا عِنْد قَوْله. ولانحصار ناشىء الْخِصَام. وَانْظُر مَا يَأْتِي فِي الِاسْتِحْقَاق إِن شَاءَ الله عِنْد ابْن رشد فِيمَن أقرّ أَبوهُ أَن الْملك بَينه وَبَين قوم آخَرين وَمَات فَادّعى وَلَده بعد نَحْو السِّتين سنة وَهُوَ يحوزه أَن الْملك خَاص بِأَبِيهِ أَن والمقوم عَلَيْهِ إِن كذب بَيِّنَة الْإِقْرَار وَعجز عَن إِبْطَالهَا أَو صدقهَا وَادّعى أَن أَبَاهُ كَانَ اشْترى حِصَّة غَيره وَعجز عَن إِثْبَات الشِّرَاء وَلَو بِالسَّمَاعِ، فَإِنَّهُ يحكم بِالْملكِ للقائم إِن كَانَ غَائِبا فِي مُدَّة الْحِيَازَة. وَقَوله: وَإِمَّا بِثُبُوت استرعاء وَإِقْرَار إِلَى قَوْله: بالعداوة الْجَار وَالْمَجْرُور من قَوْله على صفة يتنازع فِيهِ استرعاء وَإِقْرَار بالاسترعاء كَأَن يشْهد شَاهِدَانِ بعداوة بَين شُهُود الْحق الْمُقَوّم بِهِ وَبَين الْمَشْهُود عَلَيْهِ فَتسقط شَهَادَة شُهُود الْحق بِشَرْط كَون الْعَدَاوَة دنيوية لَا دينية وبشرط كَونهَا سَابِقَة على تَارِيخ أَدَاء الشَّهَادَة بِالْحَقِّ واتصلت إِلَى حِين أَدَاء الشَّهَادَة بِهَذِهِ الْعَدَاوَة وَالْإِقْرَار أَن يشْهد عَدْلَانِ بِإِقْرَار الْقَائِم صَاحب الْحق بالعداوة بَين شُهُود الْحق وَبَين الْمَشْهُود عَلَيْهِ على الْوَجْه الْمَذْكُور. وَقَوله: وَإِمَّا بِثُبُوت استرعاء مَعْرُوف السَّبَب الخ. المُرَاد بالاسترعاء هُنَا مَعْنَاهُ الْخَاص وَهُوَ الْمعبر عَنهُ بالاستحفاظ كَمَا يَأْتِي فِي بَاب الصُّلْح إِن شَاءَ الله، وَلَيْسَ المُرَاد بِهِ الاسترعاء بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدّم. وَقَوله: مَعْرُوف السَّبَب هُوَ مَا وَقع لأَجله الاستحفاظ من تقية خوف أَو إِنْكَار غَرِيم، فَإِذا كَانَ الاسترعاء فِي الْمُعَاوَضَات من بيع أَو إِجَارَة أَو خلع وَنَحْوه، فَلَا يَكْفِي شَهَادَة الشُّهُود عَلَيْهِ بِأَن مَا يعقده على نَفسه فِي الْمُسْتَقْبل من بيع

<<  <  ج: ص:  >  >>