للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كَمَا مر، فَإِن كَانَ فِيهَا لمع يسيرَة من الشّعْر تخف إِزَالَتهَا أَو حفر شرب يخف أمره وَنَحْو ذَلِك من تزريب وَنَحْوه فَلَا بَأْس باشتراطه كَمَا فِي النِّهَايَة، وَهُوَ معنى قَوْله: (وَالْعَكْس) وَهُوَ شَرط مَا يخف (أَمر جَار) عِنْد النَّاس جَائِز شرعا. تَنْبِيهَات. الأول: يفهم من النّظم أَنه لَا يشْتَرط بَيَان نوع الْغَرْس من زيتون أَو تفاح وَنَحْو ذَلِك، وَهُوَ كَذَلِك. وَإِنَّمَا يطْلب بَيَانه فَقَط حَيْثُ كَانَ بعض الْغَرْس أضرّ من بعض، فَإِن لم يبيناه فَالْعقد صَحِيح وَيمْنَع من غرس الأضر كَمَا قَالُوهُ فِيمَن اكترى أَرضًا للغرس وَلم يبين نوع مَا يغْرس فِيهَا، فمذهب ابْن الْقَاسِم صِحَة العقد وَيمْنَع من فعل الأضر، وَقَالَ غَيره: يفْسد العقد كَمَا فِي ضيح، وَنَقله فِي حَاشِيَة الشَّيْخ الْبنانِيّ عِنْد قَول (خَ) فِي الْإِجَارَة: أَو لم يعين فِي الأَرْض بِنَاء أَو غرس وَبَعضه أضرّ وَلَا عرف الخ. وَقد علمت أَن المغارسة أخذت شبها من الْكِرَاء كَمَا مر، وَيُؤَيِّدهُ مَا يَأْتِي فِي التَّنْبِيه الرَّابِع، وَهَذَا كُله إِذا لم يقل لَهُ: اغرس فِي الأَرْض مَا شِئْت وإلَاّ جَازَ مُطلقًا أَو جرت الْعَادة بذلك لِأَنَّهَا كالشرط وإلَاّ جَازَ مُطلقًا. وَقَول صَاحب كتاب المغارسة: وَوَجَب بَيَان مَا يغْرس لاخْتِلَاف الْأَشْجَار فِي مُدَّة الأثمار وَفِي قلَّة الْخدمَة وَكَثْرَتهَا غير ظَاهر، لِأَن الْعَامِل إِذا غرس مَا يطول أثماره وَمَا تكْثر خدمته فقد رَضِي بطول عمله وَكَثْرَة خدمته لغَرَض لَهُ فِي ذَلِك المغروس، وَالنَّاس عندنَا الْيَوْم لَا يبينون شَيْئا للْعَادَة وَلَا يتشاحون فِي مثل ذَلِك، فَلَا يتَعَرَّض لفسخ عقدهم بِعَدَمِ الْبَيَان وَلَا سِيمَا على مَا مر قَرِيبا عَن ابْن لب. الثَّانِي: مَا نبت فِي أَرض المغارسة بِنَفسِهِ بعد عقدهَا وَلم يغرسه الغارس فَهُوَ بَينهمَا كالمغروس. الثَّالِث: إِذا حددت المغارسة بِالْإِطْعَامِ فَإِن أطْعم جلها فَالَّذِي لم يطعم تبع لما أطْعم وَيسْقط عَن الْعَامِل الْعَمَل فِي الْجَمِيع ويقتسمان إِن شاءا، وَإِن لم يطعم جلها بل أقلهَا فَإِن كَانَ ذَلِك الْأَقَل إِلَى نَاحيَة كَانَ بَينهمَا وَسقط الْعَمَل فِيهِ وَلَزِمَه الْعَمَل فِي غَيره، وَإِن كَانَ مختلطاً لزمَه الْعَمَل فِي الْجَمِيع قَالَه فِي الْمُتَيْطِيَّة وَغَيرهَا. الرَّابِع: قيد بعض الْمُتَأَخِّرين مغارسة الْأَنْوَاع أَو النَّوْع الْوَاحِد بِمَا إِذا كَانَت تطعم فِي زمن وَاحِد أَو متلاحق وَأما إِذا كَانَت تخْتَلف بالتبكير وَالتَّأْخِير فَلَا يجوز فِي عقد وَاحِد. الْبُرْزُليّ: وَظَاهر إِطْلَاق قَول ابْن حبيب: إِذا لم يسميا أَََجَلًا وَلَا شبَابًا فَهِيَ إِلَى الْإِطْعَام أَنَّهَا تجوز وَلَو لم تتلاحق الْأَنْوَاع أَو النَّوْع الْوَاحِد فِي الْإِطْعَام اه. قلت: مَا ذكره من الْجَوَاز على ظَاهر ابْن حبيب هُوَ الْمُتَعَيّن، إِذْ النَّوْع الْوَاحِد قد يتَأَخَّر كثير من أَفْرَاده عَن الْبَعْض الآخر فِي الْإِطْعَام تَأْخِيرا كثيرا كَمَا هُوَ مشَاهد بالعيان، فَكيف بذلك فِي الْأَنْوَاع الْمُخْتَلفَة؟ وَلذَا قَالُوا: إِذا أطْعم الْأَكْثَر فالأقل تَابع كَمَا مر، وَإِنَّمَا يحسن أَن يُقَال بِالْمَنْعِ فِي هَذَا لَو كَانَ ثمره مَا أطْعم يكون لِلْعَامِلِ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يكون آجر نَفسه بثمر لم يبد صَلَاحه كَمَا مر، وَمَعَ ذَلِك يُقيد بِمَا إِذا كَانَ مَا أطْعم غير تَابع، وإلَاّ فَلَا ينظر لَهُ. وَلَو كَانَ ثَمَر لِلْعَامِلِ كَمَا هُوَ ظَاهر مَا تقدم لِأَن التوابع يغْتَفر فِيهَا مَا لَا يغْتَفر فِي متبوعاتها، وَهَذَا يبين لَك صِحَة مَا قدمْنَاهُ فِي التَّنْبِيه الأول، وَإِن مَا ذكره صَاحب كتاب المغارسة من وجوب بَيَان المغروس

<<  <  ج: ص:  >  >>