كالكراء، وَحِينَئِذٍ إِذا لم يكن غَالب وتنازعا قبل الْعَمَل تحَالفا وتفاسخا، فَإِن فَاتَت بِهِ فَالْقَوْل لمُدعِي الْكِرَاء إِن كَانَ هُوَ الْعَامِل لِأَن الآخر يُرِيد أَن يُشَارِكهُ فِي الزَّرْع بِمُجَرَّد الدَّعْوَى فَانْظُر ذَلِك وتأمله وَالله أعلم. وَعَن سَحْنُون إِن اخْتلفَا بعد الطّيب فَقَالَ الْعَامِل: الزَّرْع بَيْننَا وَقد تساوينا فِي الزريعة، وَقَالَ رب الأَرْض: الزَّرْع لي وَإِنَّمَا أَنْت أجِير فَإِن عرفت الزريعة أَنَّهَا من عِنْد أَحدهمَا فَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه، وَإِن لم يعلم مخرجها فَالْقَوْل لِلْعَامِلِ لِأَن الْعَادة فِي شركَة النَّاس أَن الْعَامِل يخرج الْبذر أَو نصفه انْظُر الْمُتَيْطِيَّة والبرزلي. وَحَيْثُ زَارِعٌ وَرَبُّ الأرْضِ قَدْ تَدَاعَيَا فِي وَصْفِ حَرْثٍ يُعْتَمَدْ (وَحَيْثُ زراع وَرب الأَرْض قد تداعيا) وتنازعا (فِي وصف حرث) أَي قلب كَمَا لَو قَالَ رب الأَرْض: دَخَلنَا على أَن تحرثها أَي تقلبها مرَّتَيْنِ ثمَّ بعد ذَلِك تبذرها. وَقَالَ الْعَامِل: بل مرّة وَاحِدَة (يعْتَمد) يقتصد صفة للحرث وَهُوَ تتميم. فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ وَاليَمِينُ وقلْبُهَا إنْ شَاءَ مُسْتَبِينُ (فَالْقَوْل لِلْعَامِلِ وَالْيَمِين) عَلَيْهِ (وقلبها) أَي الْيَمين (إِن شَاءَ) أَي أَن يقلبها على رب الأَرْض (مستبين) وَاضح بيِّن. قَالَ فِي النَّوَادِر: وَإِن تزارعا على أَن الأَرْض وَالْبذْر من عِنْد أَحدهمَا وَمن الآخر الْبَقر والحرث فَطلب أَن يحرثها أَي يقلبها مرّة، وَقَالَ الآخر: بل مرَّتَيْنِ، فليحملا على سنة الْبَلَد فَإِن لم تكن لَهُم سنة وَكَانُوا يَفْعَلُونَ هَذَا وَهَذَا إِلَّا أَن الزَّرْع فِي حرثتين أكمل، فَفِي قِيَاس قَول سَحْنُون أَن لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا حرثة وَاحِدَة إِلَّا أَن يشْتَرط حرثتين فَيجوز وَتلْزَمهُ، وَلَو عقدا على أَنه إِن حرث حرثة فَلهُ الرّبع، وَإِن حرث حرثتين فَلهُ النّصْف لم يجز وَالزَّرْع لرب الْبذر وَعَلِيهِ للْآخر أجر عمله وبقره اه. وَهَذَا كُله يبين لَك أَن كَلَام النَّاظِم هُنَا مَبْنِيّ على أَن الْمُزَارعَة تلْزم بِالْعقدِ، وَأما على مُقَابِله من أَنَّهَا إِنَّمَا تلْزم بالبذر فَلِكُل فَسخهَا قبله وللعامل أجر قلبه إِن كَانَ قَلبهَا وَالله أعلم. وَفِي الْمُتَيْطِيَّة: وَإِن اخْتلف بعد الْقلب وَقبل الزِّرَاعَة فَقَالَ الْعَامِل: دَخَلنَا على أَن الْقلب عَليّ وحدي وَأَن الْعَمَل فِي الزِّرَاعَة بَيْننَا. وَقَالَ رب الأَرْض: بل الْعَمَل كُله عَلَيْك واتفقنا على التَّسَاوِي فِي الْبذر فَالْقَوْل قَول من يَدعِي مِنْهُمَا الِاعْتِدَال والتساوي فِي الزِّرَاعَة، ثمَّ قَالَ: وَإِن اخْتلفَا بعد انْقِضَاء الزِّرَاعَة فَقَالَ الْعَامِل: إِن جَمِيع مَا زرعت من عِنْدِي وَأَن نصفهَا سلف مني لرب الأَرْض وَكذبه رب الأَرْض وَقَالَ: بل دفعت نَصِيبي فَالْقَوْل قَول الْعَامِل بِيَمِينِهِ، فَإِذا حلف واستوجب سلفه كَانَ الزَّرْع بَينهمَا ويتراجعان الْفضل لِأَن الشّركَة بَينهمَا فَاسِدَة مَا لم يدع الْعَامِل أَن السّلف تطوع بِهِ بعد العقد، وإلَاّ فَهِيَ صَحِيحَة وَلَا يتراجعان اه بِاخْتِصَار. وَهَذَا على أَنَّهَا تلْزم بِالْعقدِ وإلَاّ فالسلف يُفْسِدهَا وَلَو فِي أَثْنَائِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute