للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الشرقي بن القطامي: كان رجل من دهاة العرب وعقلائهم، يقال له شن فقال والله لأطوفن حتى امرأة مثلي فأتزوجها. فبينا هو في بعض مسيرة وافقه رجل في الطريق، فسأله شن: أين تريد؟ فقال: موضع كذا يريد القرية التي يقصدها شن فوافقه. فلما أخذا في مسيرهما قال له شن:

أتحملني أم أحملك؟ فقال له الرجل: يا جاهل: أنا راكب وأنت راكب، فكيف أحملك أو تحملني؟ فسكت عنه شن وسارا، حتى إذا قربا من القرية إذا هما بزرع قد استحصد، فقال له شن: أترى هذا الزرع أكل أم لا؟ فقال له الرجل: يا جاهل، إذا كان لم يحصد، فكيف يؤكل؟

فسكت شن: فسارا حتى إذا دخلا القرية لقيتهما جنازة. فقال له شن: أترى صاحب هذا النعش حيا أم ميتا؟ فقال له الرجل: ما رأيت أجهل منك! ترى جنازة فتسأل عنها؟ أميت صاحبها أم حي؟ فسكت عنه شن وأراد مفارقته: فأبى الرجل أن يتركه حتى يصير به إلى منزله، فضى معه.

وكان للرجل ابنة يقال لها طبقة، فلما دخل إليها أبوها سألته عن ضيفه فأخبرها بمرافقته إياه، وشكا إليها جهله، وحدثها بحديثه. فقالت له: يا أبت ما هذا بجاهل. أما قوله: أتحملني أم أحملك فأراد، أتحدثني أم أحدثك، حني نقطع طريقنا. وأما قوله أترى هذا الزرع أكل أم لا فإنما أراد: هل باعه أهله فأكلوا ثمنه أم لا. وأما قوله في الجنازة: أحي صاحبها أم ميت؟ فأراد: أترك عقبا يحيا بهم ذكره أم لا. فخرج الرجل فقعد مع شن فحادثه ساعة، ثم قال: أتحب أن أفسر لك ما سألتني عنه؟ فقال: نعم، ففسره له.

فقال شن: ما هذا من كلامك، فأخبرني من صاحبه؟ قال ابنة لي. فخطبها إليه فزوجها إياها. وحملها إلى أهله. فلما رأوها قالوا: وافق شن طبقة فذهبت مثلا.

<<  <   >  >>