جزم في الأخبار، وبعد (أو) فيها نوع من الإضراب فقولك: أو يقضيك حقك معناه: هو يقضيكه على كل حال لزمته، أو لم تلزمه، كأنه قال: بل يقضيك حقك، ولا يجوز الفصل بين (أو)، والفعل بظرف نحو: أضربك أو اليوم تستقيم، ولا يشترط ماض نحو: لألزمنك أو إن قدر الله أتعلم، خلافًا للأخفش، وابن السراج، وفي البديع لمحمد بن مسعود الغزني: في (أو) كلام مستغرب، ومذهب عجيب قال: لألزمنك أو تقضيني حقي، التقدير: لألزمنك إلزامك أو تقضيني. نصب إلزامك على الإغراء، وعطف عليه: أو تقضيني؛ أي أو أن تقضيني، فـ (أو) للتخيير ثم حذف إلزامك لدلالة لألزمنك، وأضمر (أن) والكلام جملتان في الحقيقة إحداهما، لألزمنك، والثانية: إلزامك أو قضاء حقي، وذلك أن القائل اتبع علي إلزامك ثم خير بين الإلزام وقضاء الحق.
وهذه المحذوفات من الفصاحة العليا كما رأيت في الأمثال المنقولة، والكلمات المعنوية نحو: أخذته بدرهم فصاعدًا، وهذا ولا زعماتك، ولبيك وسعديك، انتهى.
وإذا عطفت ما بعد الفاء والواو، لم يكن معنى العطف كمعنى النصب فقولك: ما تأتينا فتحدثنا بالرفع، كل واحد من الفعلين مقصود نفيه، وكأن أداة النفي منطوق بها بعد الفاء، وإذا نصبت كان انتفاء الحديث متسببًا عن انتفاء الإتيان.
وذهب الكوفيون، وتبعهم الأعلم إلى أنه قد يكون الرفع على معنى النصب، وحملوا عليه قوله تعالى:«ولا يؤذن لهم فيعتذرون» قالوا: رفع يعتذرون على النسق، وفيه معنى النصب، فأفادت الفاء ما أفادت في قوله تعالى: