قلت: فلا يمكن أن يقاوم هذا الحديث ما أخرجه البخارى وأبو داود والترمذى واللَّه تعالى أعلم. وقال الحافظ فى الفتح (٩٨/ ٨): وقد روينا بسند منقطع فى الحلبيات قول النسوة لما قدم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- المدينة، طلع البدر علينا من ثنيات الوداع، فقيل: كان ذلك عند قدومه من الهجرة، وقيل عند قدومه من غزوة تبوك. قلت: حكم الحافظ على حديث الهجرة بالانقطاع، وأما هذا فصحيح كما مر بكم. انظر كلمة ثنية الوداع فى معجم البلدان لياقوت الحموى (٨٦/ ٢). وقال الشيخ عبد الحى الكتاني فى كتابه التراتيب الإدارية (١٢٩ - ١٣١/ ٢) هذا الشعر أنشد عند قدومه صلى اللَّه عليه وسلم المدينة رواه البيهقي فى الدلائل، وأبو بكر المقرى فى كتاب الشمائل له، عن ابن عائشة، وذكر الطبرى فى الرياض، عن أبى الفضل الجمحى، قال: سمعت ابن عائشة، يقول: أراه عن أبيه فذكره، وقال: خرجه الحلواني على شرط الشيخين، راجع المواهب وشرحها (٤١٧/ ١) وفى الكلام على غزوة تبوك من المواهب، ولما دنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من المدينة خرج الناس لتلقيه، والنساء، والصبيان، والولائد يقلن: ثم ذكر البيتين ثم قال: وهم بعض الرواة فقال: إنما كان هذا عند قدومه المدينة من مكة، وهو وهم ظاهر، لأن ثنيات الوداع، إنما هى من ناحية الأم، لا يراها القادم من مكة الى المدينة، ولا يراها إِلا إذا توجه الى الشام كما قدمت ذلك انتهى كلام الشيخ. قلت: هذه الرواية التى عند البيهقى وهى تعين وقت الهجرة منقطعة كما ذكر الحافظ فى الفتح (٩٨/ ٨) ولا تقوم بها الحجة واللَّه أعلم انظر أحياء علوم الدين (٣١٠/ ١) وكشف الغمة (٢٠٤/ ٢) وطبقة فقهاء اليمن لعمر بن على الجعدى ص ١٤، وشفاء الأسقام فى زيارة خير الأنام صفحة ١٢٦ لتقى الدين السبكى. * * *