وقد دعا لها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ودعا لابنها أنس، وأخبر أنها في الجنة.
٤ - قوة قلبها: وكانت تصحب زوجها في غزواته مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد اتخذت في بعض تلك الغزوات خنجراً لتجأ به بطن من يقترب منها من الكفار.
٥ - قوة شخصيتها وقوة فقهها في دينها: وقد كانت أم سليم قوية الشخصية، تعقل ما تسمعه، وتتصرف وفق ما تراه صواباً، وقد رأينا كيف سارعت إلى الدخول في الإسلام، وكيف اقتنعت به، واستوعبت أنه الحق، وأن غيره من الأديان باطل، وبخاصة تلك الأصنام التي كانت تعبد في المدينة المنورة والجزيرة العربية، لقد فقهت أنها آلهة باطلة، لا تستحق أن تعبد من دون الواحد الأحد، وقد عارضها زوجها مالك بن النضر فيما ذهبت إليه، فلم تلتفت إلى معارضته، وكانت تلقن ابنها الشهادتين: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فلا يرضي تصرفها زوجه، ويحاول أن يصدها عن ذلك، فلا تقبل منه.
وعندما كانت تفعل ذلك، وتقول لأنس:"قل: لا إله إلا الله، قل: أشهد أن محمداً رسول الله" كان يقول لها زوجها: لا تفسدي عليّ ابني، فتقول:"إنني لا أفسده"[طبقات ابن سعد: ٤٢٥ - ٤٢٦] وقد رأى منها زوجها ما عكَّر مزاجه، وأطار صوابه، فخرج من المدينة إلى الشام، وهناك هلك.
٦ - كيف اختارت زوجها: مات الزوج، وأصبحت أم سليم غير ذات زوج، وطمع في الاقتران بها بعض أفذاذ الرجال، لقد جاءها أبو طلحة خاطباً، وكان مثله مناسباً، تتمناه أي امرأة في المدينة، ولكنها بسهولة ويسر حسمت أمرها، وخاطبته بوضوح وصراحة:"يا أبا طلحة، ما مثلك يرد، ولكنك امرؤ كافر، وأنا امرأة مسلمة، لا يصح لي أن أتزوجك".