(٢) قال الأستاذ محمد منيار في المرجع السابق (بالهامش): "المصاحف العثمانية: هي التي أمر عثمان رضي الله عنه بنسخها، لما رأى اختلاف الناس في القراءات، فنسخت من المصحف الذي جمعه أبو بكر رضي الله عنه وكان حينئذ عند حفصة بنت عمر، وتولى النسخ رجال من قريش وغيرهم وعلى رأسهم زيد بن ثابت رضي الله عنه. وكانت طريقة الرسم فيها أنهم كانوا إذا وجدوا كلمة فيها أكثر من قراءة، كتبوها صورة تحتمل القراءات المختلفة، وجردوها من النقط والشكل، مثال ذلك قوله تعالى: {فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ} [الحجرات: ٦]، كتبوه هكذا (فسسوا) مجردًا من النقط، فيجوز أن يقرأ: (فتثبتوا) كما هي قراءة حمزة والكسائي وخلف العاشر، ويجوز أن يقرأ: (فتبيَّنوا) كما هو في قراءة الباقين. أما إذا وجدوا أن صورة الكلمة لا يمكن أن تحتمل أكثر من قراءة؛ فرَّقوا في كتابتها، فكتبوها في مصحف وفق قراءة، وفي مصحف آخر وفق قراءة أخرى، مثال ذلك: قوله تعالى: {تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ} [التوبة: ١٠٠]، كتبوه في مصحف مكة {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَار} بزيادة (من) وبه قرأ ابن كثير المكي، وكلتاهما قراءتان ثابتتان. وبعد نسخها أمر عثمان بإرسالها إلى الأمصار المشهورة، فوجه بمصحف إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة، وثالث إلى الشام، ورابع إلى مكة، وترك مصحفًا بالمدينة، وأمسك لنفسه مصحفًا وهو الذي يسمى بالإمام، وأرسل عثمان مع كل مصحف قارئًا من الصحابة يقرئهم، فأمر زيد بن ثابت أن يقرئ بالمدني، وبعث عبد الله بن السائب مع المصحف المكي، والمغيرة بن أبي شهاب المخزومي مع المصحف الشامي، وأبا عبد الرحمن السُّلمي، وعامر بن عبد القيس مع البصري.
فقرأ أهل كل مصر بما في مصحفهم، وقد أجمعت الأمة على ما تضمنته هذه المصاحف من وجوه الرسم وتركوا ما خالفها". اهـ.