الطوائف، ثم هذا خاتمة في يده ونقشه محمد رسول الله فلا يظن عاقل أنه عليه السلام ما تعقل ذلك، فهذا كله يقتضي أنه عرف كتابة اسمه واسم أبيه، وقد أخبر الله بأنه صلوات الله عليه ما كان يدري ما الكتاب؟
ثم علمه الله تعالى ما لم يكن يعلم، ثم الكتابة صفة مدح قال تعالى:{الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}[العلق: ٤، ٥]
فلما بلغ الرسالة ودخل الناس في دين الله أفواجًا شاء الله لنبيه أن يتعلم الكتابة النادرة التي لا يخرج بمثلها عن أن يكون أميًا ثم هو القائل «إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب (١) فصدق أخباره بذلك، إذا الحكم للغالب، فنفي عنه وعن أمته الكتاب والحساب لندور ذلك فيهم وقلته، وإلا فقد كان فيهم كتاب الوحي وغير ذلك، وكان فيهم من يحسب وقال تعالى:{وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ}[الإسراء: ١٢].
ومن علمهم الفرائض وهي تحتاج إلى حساب وعول، وهو عليه السلام فنفى عن الأمة الحساب، فعلمنا أن المنفي كمال علم ذلك ودقائقه التي يقوم بها القبط والأوائل فإن ذلك ما لم يحتج إليه دين الإسلام ولله الحمد، فإن القبط عمقوا في الحساب والجبر، وأشياء تُضيع الزمان، وأرباب الهيئة تكلموا في سير النجوم والشمس والقمر، والكسوف والقران بأمور طويلة لم يأت الشرع بها، فلما ذكر - صلى الله عليه وسلم - الشهور ومعرفتها بين أن معرفتها ليست بالطرق التي يفعلها المنجم وأصحاب التقويم وأن ذلك لا نعبأ به في ديننا، ولا نحسب الشهر بذلك أبدًا ثم بين أن الشهر بالرؤية فقط، فيكون تسعًا وعشرين، أو بتكملة ثلاثين فلا تحتاج مع الثلاثين إلى تكلف رؤية، وأما الشعر، فنزهه الله تعالى عن الشعر، قال تعالى:{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ}[يس: ٦٩].