نفسه بعين الكمال وربما آل به الأمر إلى أن يعتقد أنه ولي صاحب كرامات وتمكن وربما حصل له شك وتزلزل إيمانه.
فالخلوة والجوع، أبو جاد الترهب، وليس ذلك من شريعتنا في شيء بل السلوك الكامل هو الورع في القوت، والورع في المنطق، وحفظ اللسان، وملازمة الذكر، وترك مخالطة العامة، والبكاءُ على الخطيئة والتلاوة بالترتيل والتدبر، ومقت النفس وذمها في ذات الله والإكثار من الصوم المشروع ودوام التهجد والتواضع للمسلمين وصلة الرحم، والسماحة وكثرة البشر، والإنفاق مع الخصاصة وقول الحق المر برفق وتُؤدة , والأمر بالعُرف، والأخذُ بالعفو والإعراض عن الجاهلين، والرباط بالثغر، وجهاد العدو، وحج البيت، وتناول الطيبات في الأحايين، وكثرة الاستغفار في السحر، فهذه شمائل الأولياء وصفات المحمديين، أماتنا الله على محبتهم (١٢/ ٨٨).
* * *
[واختلف العلماء]
أبو عثمان بكر بن محمد بن عدي المازني صاحب التصانيف (١٢/ ٢٧٠).
قال المبرد: لم يكن أحد بعد سيبويه أعلمَ بالنحو من المازني.
قال: وذكر لنا المازني أن رجلاً قرأ عليه "كتاب" سيبويه في مدة طويلة فلما بلغ آخره قال: أما إني ما فهمت منه حرفًا وأما أنت فجزاك الله خيرًا.
وقيل: كان المازني ذا ورع ودين، بلغنا أن يهوديًا حصل النحو فجاء ليقرأ على المازني "كتاب" سيبويه، فبذل له مائة دينار فامتنع وقال: هذا الكتاب يشتمل على ثلاثمائة آية ونيف فلا أمكن منها ذميًا.