وقد علموا لو ينفع العلم عندهم ... لئن متُ ما الداعي علي بمخلد
ولابن عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي في الشافعي:
ومن شعب الإيمان حب ابن شافع ... وفرض أكيد حُبُّه لا تطوعُ
وإني حياتي شافعي فإن امت ... فتوصيتي بعدي أن يتشفعوا
قال المحقق وفقه الله: إن الأئمة المجتهدين كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم، رحمهم الله تعالى لم يقل واحد منهم لأتباعه: اتبعوني وخذوا بجميع أقوالي، وآثروني على من سواي، وإنما ثبت عن كل واحد منهم قوله:«إذا خالف قولي قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالحجة في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «واضربوا بقولي عرض الحائط» وجميعهم أصحاب فضل وعلم، وقد بذلوا جهدهم في التماس الحق في المسائل التي اجتهدوا فيها، فأصاب كل واحد منهم في بعضها، وله في ذلك أجران، وأخطأ في البعض الآخر، وله فيها أجر واحد فالمحب الصحيح هو الذي يوالي الجميع ويقدر جهودهم ويشيد بفضلهم ولا يعتقد العصمة فيهم، وإذا رأى أحدهم أنه يفضل على الآخرين بشيء قد خصه الله به، فلا يتخذه وسيلة للتعصب، أو الإفراط في الحب الذي قد يدعوه إلى العدول عن الصواب، لأن هذا الإمام الذي يحبه لم يقل به.
وليضع كل واحد منا نصب عينيه كلمة الإمام مالك رحمه الله:«ما منا إلا من رَدَّ أو رُد عليه إلا صاحب هذا القبر» وأشار إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فالنبي - صلى الله عليه وسلم - هو وحده الذي افترض الله علينا الأخذ بجميع أقواله وليس ذلك لأحد سواه (١٠/ ٧٣).
وعن المزني قال: دخلت على الشافعي في مرضه الذي مات فيه.