يتقدمني في الكلام فيها إمام يقتدي به، فرأيتُ الكلام فيها بدعة، فقام الناس وانصرفوا، فلما كان يوم الجمعة، أتاه رجل، وكان إبراهيم لا يقعد إلا وحده، فساءله عن هذه المسألة.
فقال: ألم تحضر مجلسنا بالأمس؟
قال: بلى. فقال: أتعرف العلم كله؟
قال: لا.
قال: فاجعل هذا مما لم تعرف.
وروي عن إبراهيم الحربي قال: الناس على أربع طبقات: مليح يتملح، ومليح يتبغض وبغيض يتملح، وبغيض يتبغض فالأول: هو المنى، الثاني: يُحتمل وأما بغيض يتملح، فإني أرحمه، وأما البغيض الذي يتبغض فأفر منه.
إبراهيم بن جابر قال: كنت أجلس في حلقة إبراهيم الحربي، وكان يجلس إلينا غلامان في نهاية الحسن والجمال من الصورة والبزة وكأنهما روح في جسد إن قاما قاما معًا، وإن حضرا فكذلك، فلما كان في بعض الجمع، حضر أحدهما وقد بان الاصفرار في وجهه والانكسار في عينيه، فلما كانت الجمعة الثانية، حضر الغائب ولم يحضر الذي جاء في الجمعة الأولى منهما وإذا الصفرة والانكسار بَيِّنان في لونه، وقلتُ: إن ذلك للفراق الواقع بينهما وذلك للألفة الجامعة لهما فلم يزالا يتسابقان في كل جمعة إلى الحلقة، فأيهما سبق صاحبه إلى الحلقة لم يجلس الآخر، فلما كان في بعض الجمع، حضر أحدهما فجلس إلينا، ثم جاء الآخر فأشرف على الحلقة، فوجد صاحبه قد سبق، وإذا المسبوق قد أخذته العبرة، فتبينت ذلك منه في دائرة عينيه، وإذا في يساره رقاع صغار