للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قَوْلُهُ: "عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤسًا" الْغُوَيْرُ: ماءٌ لِكَلْبٍ. وَهَذا مَثَلٌ (٨)، أَوَّلُ مَنْ تَكَلّمَ بِهِ الزَّباءُ الْمَلِكَةُ حينَ رَأَتِ الإبِلَ عَلَيْها الصَّناديقُ، فَاسْتَنْكَرَتْ شَأْنَ قَصيرٍ (٩)، إِذْ أَخَذَ عَلى غَيْر الطَّريقِ، أَرادَتْ: عَسَى أَنْ يَأْتِىَ هَذَا الطريقُ بِشَرٍّ.

وَمُرادُ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: اتِّهامُ الرَّجُلِ أَنْ يَكونَ أَبا لِلْمَنبوذِ (١٠)، حَتَّى أَثْنَى عَريفُهُ خَيْرًا.

وَالْأَبْؤُسُ: جَمْعُ بَأْسٍ، وَانْتِصابُهُ بِعَسَى عَلى أَنَّه خَبَرُهُ، عَلى ما عَلَيْهِ أَصْلُ الْقِياسِ.

وَقالَ الْأَصْمَعِىُّ: أَصْلُهُ: أَنَّهُ كانَ غَارٌ فيهِ ناسٌ، فَانْهارَ عَلَيْهِمْ، أَوْ أَتاهُمْ فيهِ عَدُوٌّ فَقَتَلَهُمْ، فَصارَ مَثَلًا لِكُلِّ شَىْءٍ يُخافُ أَنْ يَأْتِىَ مِنْهُ شَرُّ.

قَوْلُهُ: "وَجَدْتُ نَفْسًا بِمَضِيعَةٍ" (١١) عَلَى وَزْنِ مَعِيشَةٍ، أَىْ: مَهْلَكَةٍ، مِنْ ضاعَ الشَّيْىءُ، أَىْ: هَلَكَ. وَقَدْ أَتَى عَلَى هَذَا الْوَزْنِ فِى قَوْلِ قَيْسِ بْنِ ذَريحٍ (١٢):

بِدارِ مَضيعَةٍ تَرَكَتْكَ لُبْنَى ... كَذاكَ الْحَيْنُ يُهْدَى لِلْمُضاعِ


(٨) كتاب الأمثال ٣٠٠ وفصل المقال ٤٢٤، والمستقصى ٢/ ١٦١، ومجمع الأمثال ٢/ ١٧، وغريب الحديث ٣/ ٣٢٠، وانظر قصة المثل مفصلة فى نشوة الطرب ١/ ٥٩ - ٦٦، وتاريخ الطبرى ١/ ٦١٩.
(٩) قصير بن سعد اللخمى من رجال جذيمة الأبرش.
(١٠) ع: المنبوذ.
(١١) فى حديث سنين: فقال عمر: ما حملك على ما صنعت؟ قلت: وجدت نفسا بمضيعة، فأحببت أن يأجرنى الله تعالى فيه، فقال: هو حر وولاؤه لك، وعلينا رضاعه. المهذب ٢/ ٤٣٤.
(١٢) ليس فى ديوانه.