للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَمِنْ كِتَابِ الظِّهَارِ

الظِّهَارُ: مُشْتَقٌ مِنَ الظَّهْرِ، وَكُلُّ مَرْكُوبٍ يُقَالُ لَهُ ظَهْرٌ، قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ (١): وَإِنَّمَا خَصُّوا الظَّهْرَ بِالتَّحْرِيمِ دونَ سَائِرِ الأَعْضَاء؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الرُّكُوبِ، وَالْمَرْأَةُ مَرْكُوبَة إِذَا غُشِيَتْ، فَكَأنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَىَّ كَظَهْرِ أُمِّى: رُكُوبُكِ لِلنِّكَاحِ عَلَىَّ حَرَامٌ كَرُكُوبِ أُمِّى لِلنِّكَاحِ، وَهُوَ اسْتِعَارَةٌ وَكِنَايَةٌ عَنِ الْجِمَاعَ (٢).

قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ} (٣) هُوَ جَمْعُ الَّتِى، يُقَالُ: اللَّائِىِ وَالَّلاِتِى.

قَوْلُهُ: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} (٤) أَىْ: إِلَى مَا قَالُوا، الَّلامُ (٥) بِمَعْنَى إِلَى (٦).

قَوْلُهُ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} أَىْ: عِتْقُهَا، وَأَصْلُ الْحر: الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْىءٍ، فَكَأَنَّهُ خَلَصَ مِنَ رِقِّ الْعُبُودِيَّةِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} (٧) أَىْ: مُخْلَصًا لِعِباَدَةِ اللهِ تَعَالَى عَنْ أَعْمَالِ الدُّنْيَا (٨)، يُقَالُ: طِينٌ حُرٌّ، أَىْ: خَالِصٌ.


(١) غريب الحديث ١/ ٢٠٩.
(٢) عبارة ابن قتيبة: فأقام الظهر مقام الركوب؛ لأنه مركوب، وأقام الركوب مقام النكاح؛ لأن الناكح راكب وهذا من لطيف الاستعارة للكناية.
(٣) سورة المجادلة آية ٢.
(٤) سورة المجادلة آية ٣.
(٥) ع: فاللام.
(٦) قال الفراء: يصلح فيها فى العربية: ثم يعودون إلى ما قالوا: وفيما قالوا: يريد: عما قالوا. معانى القرآن ٣/ ١٣٩.
(٧) سورة آل عمران آية ٣٥.
(٨) معانى الفراء ١/ ٢٠٧، ومجاز القرآن ١/ ٩٠، وغريب اليزيدى ١٠٤، وتفسير ابن قتيبة ١٠٣.