للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِنْ بَابِ زَكَاةِ الثِّمَارِ

قَوْلُهُ: "تُخْرصُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ" (١) الْخُرْصُ: حَزْرُ مَا عَلَى النَّخْلِ مِنَ الرُّطَبِ تَمْرًا (٢)، وَالْخِرْصُ بالْكَسْر: الاسْمُ مِنْهُ، يُقَالُ: كَمْ خِرْصُ أَرْضِكَ (٣)؟ وَأَخَذْتُ الْعَرِيَّةَ بخِرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ (٤). وَالخَرَّاص: الْكَذَّابُ. قَالَ اللهُ تَعَالى: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} (٥) أَىْ: قَاتَلهُمُ اللهُ.

قَوْلُهُ: "الْمُدَّخَرَةُ الْمُقْتَاتَةُ" (٦) "الْمُدَّخَرُ: هُوَ الَّذِى يُرْفَعُ وَيُعَدُّ لِلنَّفَقَةِ. يُقَالُ: ذَخَرْتُ الشَّىْءَ أَدْخُرُهُ، وَكَذَلِكَ: ادَّخَرْتُهُ وَهُوَ افْتَعَلْتُ (٧)، وَأَصْلُهُ: اذْتَخَرْتُهُ اذْتِخَارًا، فَأُبُدِلَتِ الذَّالُ دَالًا وَالتَّاءُ دَالًا أيْضًا، وَأُدْغِمَتِ الأُولَى فِى الثَّانِيَةِ فتَصَيِّرُ دَالًا مُشَدَّدَةً. وَالْمُقْتَاتَةُ: هِىَ الَّتِى تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ قُوتًا تُغَذَّى بِهِ الْأجْسَامُ عَلَى الدَّوَام. بِخِلَافِ مَا يَكُونُ قِوَامًا لِلأَجسَام لَا عَلَى الدَّوَام.

قَوْلُهُ: "الْخَضْرَاوَاتِ" (٩) هِىَ: الْبُقُولُ وَالْفَوَاكِهُ. وَفِى الْحَدِيثِ: "لَيْسَ فِى الْخَضْرَوَاتِ صَدَقَة" (١٠) قَالَ مُجَاهِدٌ (١١): أرَادَ التُّفَّاحَ وَالْكُمثْرَى. وَمَا أَشْبَهَهَا. وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلْبُقُولِ: الْخَضْرَاءُ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "إِيَّاكُمْ وَخَضْرَاءَ الدِّمَنِ" (١٢) وَهُوَ اسْمٌ لِلْبُقُولِ، وَلَيْسَ بِصِفَةٍ، فَلِذَلِكَ جُمِعَ بِالْألِفِ وَالتَّاءِ كَالْمُسْلِمَاتِ، وَلَوْ كَانَ صِفَةً لَجُمِعَ جَمْعَ الصِّفَاتِ عَلَى خُضْرٍ وَصُفرٍ (١٣).

قَوْلُهُ: "خَمْسَةُ أَوْسُقٍ" (١٤) هُوَ جَمْعُ وَسْقٍ، قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (١٥): الْوَسْقُ بِالْفَتْح: سِتُونَ صَاعًا. وَقَالَ الْخَلِيلُ: الْوَسْقُ هُوَ حِمْلُ الْبَعِيرِ (١٦) وَوَسَقَتْ النَّاقَةُ وَغَيْرُهَا تَسِقُ، أَىْ: حَمَلَتْ، وَأَغْلَقَتْ رَحِمَهَا عَلَى الْمَاءِ.

تَفْسِيرُ الْبَيْتِ الَّذِى أنْشَدَهُ (١٧)، وَهُوَ:


(١) خ: من.
(٢) فى المهذب ١/ ١٥٣: وتجب الزكاة فى ثمرة النخل والكرم لقوله - صلى الله عليه وسلم - فى الكرم إنها تخرص كما يخرص النخل، وفى خ: يخرص الكرم كما يخرص النخل.
(٣) عن الصحاح (خرص) وقال ابن الأثير: إذا حزر ما عليها من الرطب تمرا، ومن العنب زبيبا، فهو من الخرص: الظن؛ لأن الحزر إنما هو تقدير بظن. النهاية ٢/ ٢٢.
(٤) كذا فى الصحاح (خرص) والنهاية واللسان (خرص ١١٣٣).
(٥) هى النخلة يعريها صاحبها رجلا محتاجا، والإعراء أن يجعل له ثمرة عامها. أنظر غريب أبى عبيد ١/ ٢٣١ والفائق ١/ ٢٩٩ والنهاية ٣/ ٢٢٤.
(٦) سورة الذاريات آية ١٠.
(٧) فى المهذب ١/ ١٥٣: لأن ثمرة النخل والكرم تعظم منفعتهما؛ لأنهما من الأقوات والأموال المدخرة المقتاتة.
(٨) عن الصحاح (زخر).
(٩) فى المهذب ١/ ١٥٤، واختلف قوله فى القرطم وهو حب العصفر. . . لا تجب فيه الزكاة لأنه ليس بقوت فاشبه الخضروات. وفى خ: كالخضراوات.
(١٠) الفائق ١/ ٣٨٠ وغريب ابن الجوزى ١/ ٢٨٤ والنهاية ٢/ ٤١.
(١١) فى الفائق: مجاهد رحمه الله، والنهاية: فى حديث مجاهد.
(١٢) الفائق ١/ ٣٧٧ وغريب ابن الجوزى ١/ ٢٨٤ والنهاية ٢/ ٤٢.
(١٣) كذا فى النهاية ٢/ ٤١ وانظر الفائق.
(١٤) فى المهذب ١/ ١٥٤: ولا تجب الزكاة فى ثمر النخل والكرم إِلا أن يكون نصابا، ونصابه: خمسة أوسق.
(١٥) فى الصحاح (وسق).
(١٦) كذا عن الجوهرى وبعده: والوقر حمل البغل أو الحمار. وفى العين ٥/ ١٩١ (وسق) الوسق: حمل يعنى ستين صاعا وفى (وقر) ما ذكره الجوهرى.
(١٧) فى المهذب ١/ ١٥٤: والدليل على أن الوسق حمل البغل: قول النابغة. . . . . . . . . . . . .