للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِنْ بابِ مَنْ تُقْبَلُ شَهادَتُهُ وَمَن لا تُقْبَلُ

قَوْلهُ تَعالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (١) يُقالُ: أَشْهَدْتُ وَاسْتَشهَدْتُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ.

وَالشَّهيدُ وَالشَّاهدُ: سَوَاءٌ، بِمَعْنًى، كَالْعالمِ وَالْعَليمِ (٢)، وَيُجْمَعُ علمًا أَشهادٍ وَشُهداءُ وَشُهودٍ وَشَهْدٍ.

وَسُمِّىَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثابت ذَا الشَّهادَتَيْين (٣)؛- لأنَّهُ حَكَمَ بِشهادَتِهِ وَحْدَهُ، وَأَقامَ شَهادَتهُ مَقامَ شاهِدَيْنِ.

قَوْلهُ: "الْمُغَفَّلِ" (٤) الَّذى تَكْثُرُ مِنْهُ الْغَفْلَةُ، وَلَيْس بِمْتَيَقِّظٍ وَلا ذاكِرٍ.

قَوْلهُ: "لَا تَجوزُ شَهادَةُ خائِن وَلا خائِنَةٍ" (٥) الْخائِنُ: الَّذى اوتُمِنَ فَأَخَذَ أَمانَتَة، وَقَدْ وَهِمَ مَنْ قالَ: هُوَ السّارِقُ، وَقَدْ تَقَعُ الْخِيانةُ فِى غَيْرِ الْمالِ، وَذلِكَ بِأَنْ يُسْتَوْدَعَ سِرًّا فُيُفْشِيَهُ، أَوْ يُؤْمَنَ عَلى حُكْمٍ فَلا يَعْدِلُ فيهِ.

قَوْلُهُ: "وَلا ذِى غِمْرٍ" الْغِمْرُ: الْحِقْدُ [وَالْغِلُّ] وَقَد غَمِرَ صَدْرُهُ عَلَىَّ -بِالْكَسْرِ- يَغْمَرُ غَمَرًا وَغِمْرًا، عَنْ يَعْقوب (٦).


(١) سورة البقرة آية ٢٨٢.
(٢) انظر تفسير الطبرى ٣/ ١٢٣، وفيه: يقال: فلان شاهدى على هذا المال وشهيدى عليه.
(٣) خزيمة بن ثابت بن فاكه بن ثعلبة بن ساعدة الأنصاري الخطمى شهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه ابتاع فرس الأعرابى حين أنكر الأعرابى وقال للنبى: هلم شهيدا, ولم يكن ثم شاهد. فقال له: بم تشهد؟ فقال: بتصديقك يا رسول الله، فجعل شهادته بشهادتين، سنن أبي داود ٣/ ٣٠٨، وطبقات ابن خياط ٨٣، وتهذيب التهذيب ٣/ ١٢١.
(٤) في المهذب ٢/ ٣٢٤: لا تقبل شهادة المغفل الذي يكثر منه الغلط.
(٥) في المهذب ٢/ ٣٢٤: روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا زان ولا زانية ولا ذى غمر على أخيه" وانظر سنن أبي داود ٣/ ٣٠٦.
(٦) إصلاح المنطق ٤ والنقل عن الصحاح (غمر).