للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِنْ بَابِ التَّعْزِيَةِ وَالْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ

أَصلُ الْعَزَاءِ: هُوَ الصَبْرُ، يُقَالُ: عَزَّيْتُهُ فَتَعَزَّى تَعْزِيَةً (١)، وَمَعْنَاهُ: التَّسْلِيَةُ لِصَاحِبِ (٢) الْمَيِّتِ، وَنَدْبُهُ اِلَى الصَّبْرِ وَوَعْظُهُ بِمَا يُزِيلُ عَنْهُ الْحُزْنَ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "مَنْ لَمْ يَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللهِ فَلَيْسَ مِنَّا (٣) قِيلَ: مَعْنَاهُ: التأَسِّي وَالتَّصَبْر عِنْدَ الْمُصيِبَةِ، فَإِذَا (٤) أَصَابَتِ الْمُسْلِمَ مُصِيبَةٌ، قَالَ: {إنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (٥) كَمَا أَمرهُ الله (٦).

وَمَعْنَى "بعَزَاءِ اللهِ" أَىْ: بِتَعْزِيَةِ اللهِ إِيَّاهُ، وَكَذَا قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ السَّلَامُ) (٧): "مَنْ عَزَّى مُصَابًا" (٨) أَىْ: صَبَّرَهُ وَسَلَّاهُ، وَدَعَا لَهُ.

قَوْلُهُ (٩): "خَلَفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ" قَدْ ذَكَرْنَا (١٠) أَنَّ الخَلَفَ: مَا جَاءَ بَعْدُ،: هُوَ خَلَفُ سَوْءٍ مِنْ أَبِيهِ، وَخَلَفُ صِدْقٍ مِنْ أَبيهِ - بِالتَّحْرِيكِ: إِذَا قَامَ مَقَامَهُ.

قَوْلُهُ (٩): "وَدَرْكًا مِنْ كُلِّ فَائِتٍ" أَىْ: عِوَضًا. وَأَصْلُ الدَّرْكِ: اللُّحُوقُ، يُقَالُ: أَدْرَكَهُ، أَىْ: لَحِقَهُ، كَأَنَّهُ (١١) لَحِقَ الْفَائِتَ وَمِنْهُ الدَّرْكُ (١٢) فِى الْبَيْعِ، وَهِىَ التَّبِعَةُ: يُقَالُ: مَا لَحِقَكَ مِنْ دَرَكٍ فَعَلَىَّ خَلَاصُهُ (١٣).

قَوْلُهُ: "أعْظَمَ اللهُ أَجْرَكَ" (١٤) أَىْ: جَعَلَهُ اللهُ عَظِيمًا (١٥).


(١) نوادر أبى زيد ٥٣٠ وتهذيب اللغة ٣/ ٩٧ والمحكم ٢/ ١٦١ والمصباح (عزا) واللسان (عزا ٢٩٣٤).
(٢) خ: للميت.
(٣) غريب أبى عبيد ١/ ٣٠٣ والفائق ٢/ ٤٢٥ وغريب ابن الجوزى ٢/ ٩٤ والنهاية ٣/ ٢٣٣.
(٤) خ: وإذا.
(٥) سورة البقرة آية ١٥٦.
(٦) وقيل: أى: لم يدع بدعوى الإسلام، فيقول: يالله، أو: يَالِلْمُسلمين، وانظر المراجع السابقة فى تعليق ٣.
(٧) ما بين القوسين: ليس فى ع.
(٨) تتمته: فله مثل أجره. المهذب ١/ ١٣٨.
(٩) فى المهذب ١/ ١٣٩: من تعزية الخضر - عليه السلام -: "إن فى الله سبحانه عزاء من كل مصيبة، وخلفا من كل هالك ودركا من كل فائت".
(١٠) ع: ذكر.
(١١) ع: أى مكان كأنه.
(١٢) يسكن ويحرك كما فى الصحاح (درك).
(١٣) عن الصحاح (درك).
(١٤) فى المهذب ١/ ١٣٩: ويستحب أن يدعو له وللميت، فيقول: أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك.
(١٥) ع: جعله عظيما.