للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِنْ بَابِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ

التِّلَاوةُ (١): الْقِرَاعَةُ. سُمِّيَتْ تِلَاوَةً، لِأنَّهَا يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا. وَالتَّالِى: التَّابعُ: وَتَلَوْتُهُ: تَبِعْتُهُ.

قَوْلُهُ (٢): {بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} (٣) هُوَ جَمْعُ أُصُلٍ، مِثْلُ: عُنُقٍ وَأَعْنَاقٍ. وَأُصُلٌ: جَمْعُ أَصِيلٍ (٤) وَهُوَ مَا بَعْدَ (صَلَاةِ) (٥) الْعَصْرِ اِلَى غُرُوبِ الشَّمْس.

{(٦) وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} قَالَ الْوَاحِدِىُّ (٧): يَزِيدُهُمُ الْقُرْآنُ تَوَاضُعًا. {وَزَادَهُمْ نُفُورًا} أَيْ: ذعْرًا وَهَربًا.

قَوْلُهُ تَعَالَى (٨): {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} أَيْ: لَا يَمَلُّونَ (٩). وَالسَّآمَةُ: الْمَلَالُ. يُقَالُ: سَئِمْتُ مِنَ الشَّيْىءِ أسْأمُ سَآمَةً. أَيْ: مَلِلْتُ.

قَوْلُهُ (١٠): {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} مَعْنَاهُ: اقْتَرِبْ إِلَيْهِ بِالطَّاعَةِ. وَدَلِيلُهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (١١) أقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنَ اللهِ تَعَالَى (١٢) إِذَا كَانَ سَاجِدًا" (١٣).

قَوْلُهُ تَعَالَى: {(١٤) وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} خَرَّا: سَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ (١٥) "وَأنَابَ" أَيْ: أقْبَلَ إِلَى اللهِ وَتَابَ وَرَجَعَ عَنْ مُنْكَرِهِ (١٦).

قَوْلُهُ (١٧) "تَشزَّنَّا لِلسُّجُودِ" قَالَ شَمِرٌ (١٨): مَعْنَاهُ: تَحَرَّفُوا، يُقَالُ: تَشَزَّنَ الرَّجُلُ لِلرَّمْى إِذَا تَحَرَّفَ وَاعْتَرَضَ. وَرَمَاهُ عَنْ شُزُنٍ (١٩)، أَيْ: تَحَرَّفَ لَهُ. وَتَشَزَّنَ لِلرَّمْىِ: إِذَا اسْتَعَدَ لَهُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ عُثْمَانَ، رضِىَ الله عَنْهُ حِينَ حَضَرَ مَجْلِسَ الْمُذَاكَرَةِ (٢٠)، فَقَالَ: "حَتَّى أَتَشَزَّنَ" أَيْ: حَتَّى أَسْتَعِدَّ لِلْحِجَاجِ مَأخُوذٌ مِنْ عُرْض الشَّيْىءِ وَجَانِبِهِ (٢١)، وَهُوَ: شُزُنُهُ، كَأنَّ الْمُتَشَزِّنَ يَدَعُ الطُّمَأنِينَةَ فِي [جُلُوسِهِ] (٢٢) وَيَقْعُدُ


(١) سجود التلاوة مشروع للقارئ والمستمع. المهذب ١/ ٨٥.
(٢) في مواضع السجدات من القرآن الكريم: وسجدة في الرعد عند قوله تعالى {بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}.
(٣) سورة الرعد آية ١٥.
(٤) مجاز القرآن ١/ ٣٢٨ ومعانى الزجاج ٢/ ٤٤٠ وانظر شرح القصائد السبع ص ٣٨٢، ٣٨٣.
(٥) ليس في خ.
(٦) في المهذب ١/ ٨٥: وفي بنى إسرائيل عند قوله تعالى: {وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} آية ١٠٩.
(٧) في المهذب ١/ ٨٥: وسجدة في الفرقان عند قوله تعالى: {وَزَاهمْ نُفُورًا} آية ٦٠.
(٨) سورة السجدة آية ٣٨.
(٩) في المهذب ١/ ٨٥: وسجدة في حم السجدة عند قوله تعالى: {وَهُمْ لَا يَسْأمُون} آية ٣٨.
(١٠) البحر المحيط ٧/ ٤٩٩ وتفسير العزيزى ١٣٨.
(١١) في المهذب ١/ ٨٥: والثالثة في آخر "اقرأ": {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} آية ٩.
(١٢) تعالى: ليس في ع.
(١٣) في المهذب ١/ ٨٥: وأما سجدة (ص) فهي عند قوله عز وجل: {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} آية ٢٤.
(١٤) خ: فخر ركعا: تحريف ولم تذكر: وأناب.
(١٥) خَرَّ لِوَجْهِهِ يَخِرُّ خَرًّا وَخُرورًا وقع وفي التنزيل {وَيَخِروْنَ لِلأذْقَانِ يَبْكُون} المحكم ٤/ ٣٦٨ وتحفة الأريب ١١٢.
(١٦) مجاز القرآن ١/ ٣٣٠.
(١٧) في المهذب ١/ ٨٥: روى أبو سعيد الخدرى (ر) قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما فقرأ (ص) فلما مر بالسجود تشزنا للسجود.
(١٨) تهذيب اللغة ١١/ ٣٠٣.
(١٩) ع: تشزن. والمثبت من خ وتهذيب اللغة ١١/ ٣٠٣ واللسان (شزن ٢٢٥٦).
(٢٠) الفائق ٢/ ٢٤١، ٢٤٢ والنهاية ٢/ ٤٧١ واللسان (شزن).
(٢١) تهذيب اللغة والفائق والنهاية تعليق ٢٠ واللسان (شزن).
(٢٢) خ، ع: حديثه والمثبت من الغريبين ٢/ ٩٧.