للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِنْ بابِ الجِزْيَةِ

سُمِّيَتْ جِزْيَةً؛ لِأنَّها قَضاءٌ عَمّا عَلَيْهِم، مَأُخوذٌ مِنْ قَوْلِهِم: جَزَى يَجزِى: إِذا قَضَى، قَالَ اللهُ تعَالَى: {لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} (١) أَيْ: لا تَقْضِى وَلا تُغْنِي (٢). وَفِي الْحديث: أَنَّهُ قالَ لِأبِى بُرْدَةَ بنِ نِيَارٍ (٣) فِى الأَضْحِيَةِ بِالْجَذَعَةِ مِنَ الْمَعْزِ: "تَجْزِى عَنْكَ وَلَا تَجزى عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ" (٤) وَالْمُتَجَازِى: الْمُتَقَاضِى عِنْدَ الْعَرَبِ (٥). وَقيلَ الجَزَاءُ: الْفِدَاءُ، قَالَ الشَّاعِرُ (٦):

. . . . . . . . . . . . . ... مَتَيَّمُ عِنْدَها لَمْ يُجْزَ مَكْبُولُ

أَيْ: لَمْ يُفْدَ.

{يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ} (٧) أَيْ: يُطيعُون، وَالدِّينُ: الطّاعَةُ وَالانْقِيادُ.

قَوْلُهُ: "سُنّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتابِ" (٨) أَيْ: خُذوهُمْ عَلَى طَرِيقَتِهمْ، أَيْ: أَمِّنوهُمْ وَخُذوا عَنْهُمْ الْجِزْيَةَ. وَالسُّنَّةُ: الطَّرِيق.


(١) سورة البقرة آية ٤٨.
(٢) ع: ولا تعين. وانظر تفسير الطبرى ١/ ٢٦٥ - ٢٦٧، ومعاني الفراء ١/ ٣١، ومعاني الزجاج ١/ ١٢٨، ومعاني الأخفش ١/ ٨٨ - ٩٠، والدر المصون ١/ ٣٣٥ - ٣٣٧.
(٣) هو هانئ بن عمرو بن عبيد بن كلاب من بَلِىّ مات في أولى خلافة معاوية، شهد بدرا وما بعدها وشهد مع على حروبه. تهذيب التهذيب ١٢/ ٢٢، وطبقات ابن خياط ٨٠.
(٤) غريب أبي عبيد ١/ ٥٦ - ٥٨، وابن الجوزى ١/ ١٥٥، والنهاية ١/ ٢٧٠.
(٥) عن الأصمعي: أهل المدينة يقولون أمرت فلانا يتجازى ديني على فلان، أي: يتقاضاه. غريب الحديث ١/ ٥٧، وانظر المراجع تعليق ٢، والفائق ١/ ٢١٤.
(٦) كعب ابن زهر. ديوانه ٦ وشرح قصيدته ٤٩، وقصيدة البردة لابن الأنبارى ٩٠.
(٧) من قوله تعالى: {وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩].
(٨) في المجوس: يجوز أخذ الجزية منهم لما روى عبد الرحمن بن عوف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "سنوا بهم. . ." الحديث. المهذب ٢/ ٢٥٠.