للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول امرىء القيس: كأن الثريا علقت في مصامها ... بأمراس كتان إلى صمم جندل

ويقول الراجز: *والبكرات شرهن الصائمة*

أى: التى لا تدور. ثم يذكر قول أبي عبيدة: كل ممسك عن طعام، أو كلام، أو سير، فهو صائم.

ثم يعقب هذا بأن الصوم في الشرع: الإمساك عن الطعام والشراب والجماع. (١٦٩).

ونلاحظ أنه داخل بين بيتين لامرىء القيس، وللأعشى، فبيت امرىء القيس (٢).

فدع ذا وسل الهم عنك بجسرة .... ذمول إذا صام النهار وهجرا

وبيت الأعشى (٣):

وفيها إذا ما هجرت عجرفية ... إذا خلت جرباء الظهيرة أصيدا

فداخل بين البيتين، والشاهد: في قول امرىء القيس.

وهكذا كان يحيط المصطلح الشرعي بسياج لغوي، متنوع، من أجل توضيح الصلة بينهما، وقد سبق ذكر اهتمامه بالأصل المادي والمعنوي في المشتقات، إذ كان يعول دائمًا على أصل استعمال اللفظ.

[أثر مذهبه الشافعي في شرحه]

مال ابن بطال في شرحه إلى ما يوافق تفسيرات الشافعي، ويناقض تفسيرات أبي حنيفة، ودليل ذلك ما يأتي: فسر الشفق بأنه: بقية ضوء الشمس وحمرتها في أول الليل إلى قريب من العتمة. ونقل عن الخليل: الشفق: الحمرة من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة، فإذا ذهب قيل: غاب الشفق. وعن الفراء قوله: سمعت بعض العرب يقول: عليه ثوب مصبوغ كأنه الشفق، وكان أحمر (٥٣).

وكان الإمام أبو حنيفة يذهب إلى أن الشفق: البياض. وقال النسفي (٤)، وهو حنفي المذهب: والشفق-: بقية ضوء الشمس، وهو الحمرة عند أبي يوسف، ومحمد، والبياض عند أبي حنيفة، وهو قول كبار الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. وكذا ذكر السرخسي (٥)، والمطرازي (٦)، والفيومي (٧).

والركبي فيما مال إليه محق؛ لأن أكثر اللغويين على أن الشفق: الحمرة، فإلى ما ذكره من أقوال، نضيف قول أبي عمرو؛ الشفق: الثوب المصبوغ بالحمرة القليلة، والشفق: الحمرة في السماء، وأشفقنا: دخلنا في الشفق (٨).


(٢) ديوانه ص ٦٥.
(٣) ديوانه ص ١٨٥.
(٤) طلبة الطلبة ص ١٠.
(٥) في المبسوط ١/ ١٧٣.
(٦) في المغرب (شفق).
(٧) في المصباح (شفق).
(٨) اللسان (شفق ٢٢٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>