للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِنْ بَاب اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ

الْقِبْلَةُ: مَأخُوذَةٌ مِنْ قَابَل الشَّيْىءُ الشَّيْىءَ: إِذَا حَاذَاهُ. وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ: إِذَا حَاذَاهُ بِوَجْهِهِ. وَأصْلُهُ: مِنَ القُبُل: نَقِيضُ الدُّبُرِ. قَالَ الْهَرَوِىُّ (١): سُمِّيَت الْقِبْلَةُ قِبْلَة؛ لِأنَّ الْمُصَلِّىَ يُقَابِلُهَا وَتُقَابِلُهُ (٢).

قَوْلُهُ تَعَالَى (٣): {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ (الْحَرَامِ)} (٤) أيْ: (اسْتَقْبِلْهُ) (٥) وَاجْعَلْهُ مِمَّا يَلِيكَ. وَقِيلَ: {فَوَلِّ وَجْهَكَ} أيْ: أَقْبِلْ وجْهَكَ. وَوَجِّة وَجْهَكَ (٦) وَكَذَلِكَ (٧) قَوْلُهُ: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} (٨) أَيْ: مُسْتَقْبِلُهَا (٩). وَ {شَطْرَ الْمَسْجِدِ} أَيْ: نَحْوَهُ وَتِلْقَاءَهُ.

قَالَ الشَّاعِرُ (١٠):

ألَا مَنْ مُبْلِغٌ عَمْرًا رَسُولًا (١١) ... وَمَا تُغْنِى الرِّسَالَةُ شَطرَ عَمْرِو

أَيْ: نَحْوَهُ.

وَقَالَ أَيْضًا (١٢):

أقِيمِى أُمَّ زِنْبِاعٍ أَقِيمِى ... صُدُورَ العِيسِ شَطْرَ بَنى تَمِيمِ

وَنُصِبَ "شَطْرَ" عَلَى الظَّرْفِ (١٣) والمعنى إِلى شَطْر المَسْجِدِ الحَرَامِ.

قَوْلُهُ: بِحَضْرِةِ الْبَيْتِ (١٤) أيْ: بِقُرْبهِ، مِنَ الْحُضُورِ: ضِدُّ الْغَيْبَةِ.

قَوْلُهُ: "فَإنَّ أَخْبَرَهُ مَنْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ عَنْ عِلْمٍ" (١٥) هُوَ أن يَرَى الْكَعْبَةَ مِنْ سَطْحٍ أوْ رَأَسِ جَبَلٍ فَيُخْبِرَهُ.

قَوْلُهُ: "مَحَارِيبُ الْمُسْلِمِين" (١٦) أصْلُ الْمحْرَابِ: الْمَكَانُ الرَّفِيعُ، وَالْمَجْلِسُ الشَّرِيفُ؛ لِأنَّهُ يُدَافَعُ عَنْهُ، وَيُحَارَبُ دُونَهُ. وَقِيلَ: مِحْرَابُ الأسَدِ لِمَأوَاهُ. وَيُسَمَّى الْقَصْرُ وَالْغُزفَةُ مِحْرَابًا، قَالَ (١٧):

رَبَّةُ مِحْرَابٍ إِذَا جِئْتَهَا ... لَمْ ألْقْهَا أَوْ أرْتَقِى سُلَّمَا


(١) في الغريبين ٣/ ٦٤.
(٢) أنظر العين ٥/ ١٦٦ - ١٦٨ والمحكم ٦/ ٢٦١ - ٢٦٦ واللسان (قبل ٣٥١٦) والمصباح (قبل).
(٣) ع: -عز وجل-.
(٤) سورة البقرة الآيات ١٤٤، ١٤٩، ١٥٠. و {الْحَرَامِ} ليس في خ.
(٥) خ: استقبل.
(٦) معانى القرآن ١/ ٨٤، ٨٥ ومجاز القرآن ١/ ٦٠ ومعانى الزجاج ١/ ٢٠٤ وتفسير غريب القرآن ٦٥.
(٧) ع: وكذا.
(٨) سورة البقرة ١٤٨.
(٩) المراجع تعليق (٦).
(١٠) لم أهتد اليه.
(١١) رسولا ساقط من ع.
(١٢) أبو زنباع الجذامى كما في اللسان (شطر ٢٢٦٣) وروايته: "أقُول لِأمِّ زِنْبَاع أَقِيمِى".
(١٣) معانى الزجاج ١/ ٢٠٤ ومعانى الفراء ١/ ٨٤.
(١٤) في المهذب ١/ ٦٧: فإن كان بحضرة البيت لزمه التوجه إلى عينه.
(١٥) في ع: "فإن أخبره رجل من يقبل خبر رجل عن علم" وفي خ: فإن أخبره رجل عن علم". والمثبت نصّ المهذب ١/ ٦٧ في جاهل مكان البيت.
(١٦) في المهذب ١/ ٦٧: فإن رأى محاريب المسلمين في موضع صلى إليها.
(١٧) وضاح اليمن كما ذكر أبو عبيدة في مجاز القرآن ٢/ ١٤٤ وابن دريد في جمهرة اللغة ١/ ٢١٩ ومثله في اللسان (حرب ٨١٧).