للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ بَابِ قَسْم الصَّدَقاتِ

الْقَسْمُ - بِفَتْحِ الْقَافِ: مَصْدَرُ قَسَمَ يَقْسِمُ قَسْمًا، أَىْ: فَرَّقَ وَأَعْطَى كُلَّ ذِى حَقٍّ حَقَّهُ، لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ، وَأَمَّا الْقِسْمُ بِكَسْرِ الْقَافِ، فَهُوَ اسْم لِلشَّىْءِ الْمَقْسُوم، وَالنَّصِّيبُ، يُقَالُ مِنْهُ (١): هَذَا قِسْمِى، أىْ: نَصِيبِى، وَيُجْمَعُ عَلَى أَقْسَامٍ.

قَوْلُهُ: الأمْوَالُ الْبَاطِنَةُ" (٢) هِىَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَمَا يُسْتَرُ فِى الأَحْرَازِ عَن الْعُيُونِ مِنَ الْجَوَاهِرَ وَسِوَاهَا، وَالأمْوَالُ الظَّاهِرَةُ: هِىَ الأنْعَامُ وَسَائِرُ الْمَوَاشى، وَالْحُبُوبُ وَالأمْتِعَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسْتَرُ فِى الْعَادَةِ بَلْ تَكُونُ ظَاهِرَةً.

قَوْلُهُ: "الإِمَامُ أَنْ يَبْعَثَ السُّعَاةَ" (٣) وَاحِدُهُمْ: سَاعٍ، وَكُلُّ مَنْ وَلِىَ عَلَى قَوْمٍ، فَهُوَ سَاعٍ عَلَيْهِمْ وَأَكْثَرُ مَا يُقَالُ ذَلِكَ فِى وِلَايَةَ الصَّدَقَةِ، يُقَالُ: سَعَى عَلَيْهَا، أَىْ: عَمِلَ عَلَيْهَا، وَهُمُ السُّعَاةُ، قَالَ (٥):

سَعَىَ عِقَالًا فَلْمْ يَتْرُكْ لَنَا سَبَدًا ... . . . . . . . . . . . . . .

قَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ (وَسَلَّمَ) (٦) فِى الصَّدَقَةِ: "مَا يُغْنِيكمْ عَنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ" (٧) أَصْلُ الْوَسَخِ: الدَّرَنُ، وَقَدْ وَسِخَ الثَّوْبُ يَوْسَخُ وَتَوَسَّخَ وَاتَّسَخَ، كُلُّهُ بِمَعْنَى (٨). شَبَّهَ الذُّنُوبَ بِالْوَسَخِ وَالدَّرَنِ الَّذِى يَعْلَقُ بِالْجِسْمِ. وَالصَّدَقَةُ تَذْهَبُ بِالذُّنُوبِ وَتُزِيلُهَا، فَسَمَّاهَا بِالْوَسَخِ الَّذِى تُزِيلُهُ، كَالْمَاءِ الَّذِى يُغْسَلُ بِهِ الْوَسَخُ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ بِنَفْسِهِ وَسَخًا، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَة تُطَهرُهُمْ} (٩) أَىْ: تَغْسِلُهُمْ مِنْ الذُّنُوبِ (١٠).

قَوْلُهُ: "فِى شَهْرِ الْمُحَرَّمِ" (١١) سُمِّىَ مُحَرَّمًا؛ لِأَنّهُمْ كَانُوا يُحَرِّمُونَ فِيهِ الْحَرْبَ (١٢) وَقِيلَ: لِأَنَّ اللهَ


(١) منه: ليس فى ع.
(٢) فى المهذب ١/ ١٦٨: يجوز لرب المال أن يفرق زكاة الأموال الباطنة بنفسه.
(٣) خ: قوله: ويبعث الإمام السعاة. وفى المهذب ١/ ١٦٨: يجب على الإمام أن يبعث السعادة لأخذ الصدقة.
(٤) عن الصحاح (سعى).
(٥) عمرو بن العداء الكلبى كما فى غريب الحديث ٣/ ٢١١ وتهذيب اللغة ١/ ٢٣٩: الفائق ٣/ ١٤: النهاية ٣/ ٢٨٠ وخزانة الأدب ٧/ ٥٨١ وعجزه:
. . . . . . . . . . . . . . . ... فَكَيْفَ لَوْ قَدْ سَعَى عَمْرٌو عِقَالَيْنِ
(٦) من ع.
(٧) خ: إنما هى أوساخ الناس وفى المهذب ١/ ١٦٨: روى أن الفضل بن العباس (ر) سأل رسول - صلى الله عليه وسلم - أن يوليه العمالة على الصدقة، فلم يوله، وقال: أليس فى خمس الخمس ما يغنيكم عن أوساخ الناس.
(٨) عن الصحاح (وسخ).
(٩) سورة التوبة آية ١٠٣.
(١٠) معانى الزجاج ٢/ ٥١٨ ومعانى الفراء ١/ ٤٥١.
(١١) فى المهذب ١/ ١٦٩: ويبعث لقبض ما سوى زكاة الزرع والثمار فى المحرم، لما روى عن عثمان (ر) أنه قال فى شهر المحرم: هذا شهر زكاتكم.
(١٢) الأيام والليالى للفراء ٩ والأزمنة والأمكنة ١/ ٢٧٦.