للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَعَالَى حَرَّمَ فِيهِ الْجَنَّةَ عَلَى إبْلِيسَ حِينَ لَعَنَهُ، وَأهْبَطَهُ إلَى الأرْض.

قَوْلُهُ: "عِنْدَ أَفْنِيَتِهِمْ" (١٣) الْفَنَاءُ: قُدَّامُ الدَّارِ، وَمَا امْتَدَّ مِنْ جَوَانِبِهَا، وَالْجَمْعُ: أَفْنِيَة (١٤) وَأَرَادَ أَنَّهُمْ لَا تُسَاقُ مَوَاشِيِهِمْ إلَى الْمُصَدِّقِ، فَيَضُرُّ ذَلِكَ بِهِمْ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لهُمْ} (١٥) (الصَّلَاةَ هَا هُنَا: الدُّعَاءُ. أمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَدْعُوَ لَهُمْ. وَمَعْنَى {سَكَنٌ لَهُمْ} (١٦) أَىْ: يَسْكُنُونَ بِدُعَائِكَ سُكُونَ الرَّاحَةِ وَطِيبِ النَّفْسِ (١٧).

قَولُهُ: "اللَّهُمَّ (١٨) صَلِّ عَلَى آلِ فُلَانٍ" (١٩) الْمَذْهَبُ أَنَّ قَوْلَ الرَّجُل لِصَاحِبِهِ: صَلَّى الله عَلَيْكَ، يُكْرَهُ؛ لِأنَّ الصَّلَاةَ خَاصَّة لِلنَبِىَّ (٢٠) صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: "اللَّهُمَّ صل على آلِ أَبِي أوْفَى" فَإِنَّ الصَّلَاةُ لَمَّا كَانَتْ خَاصَّةً (٢٠) لِلنَّبِىِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ لَهُ أَنْ يَضَعَهَا حَيْثُ شَاءَ (٢١). وَأَرَادَ بِآلِ أَبِى أَوْفَى: نَفْسَ أَبِى أَوْفَى هَا هُنَا (٢٢).

قَوْلُهُ: "وَإِنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ أوْ غَلَّ" (٢٣) يَعْنى: أَخْفَى وَخَانَ، يُقَالُ: غَلَّ الْجَزَّارُ الشَّاةَ: إِذَا أَسَاءَ سَلْخَهَا، فَأَخَذَ مَعَ (٢٤) الْجِلْدِ شَيْئًا مِنَ اللَّحْمِ (٢٥)، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَنْ يَغُلَّ} (٢٦) أَىْ: يَخُونَ.

قَوْلُهُ: "خَلَّفَهُ احْتِيَاطًا" (٢٧) أَىْ: أَخْذًا بِالْحَزْم وَالثِّقَةِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: احْتَاطَ الرَّجُلُ لِنَفسِهِ: إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ، وَأَصْلُ الإِحَاطَةِ بِالشَّىْءِ: الْأَخْذُ مِنْ جَوَانِبِهِ، وَمِنْهُ سُمِّىَ الْحَائِطُ، وَهُوَ الْجِدَارُ.

قَوْلُهُ: "فَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ" (٢٨) يُقَالُ: نَكَلَ عَنِ الْعَدُوِّ وَالْيَمِينِ يَنْكُلُ بِالضَّمِّ، أَىْ: جَبُنَ وَحَادَ. وَقَالَ أبُو عُبَيْدَةَ (٢٩): نَكِلَ بِالْكَسْرِ: لُغةٌ فِيهِ، وَأَنْكَرَهُ الْأصْمَعِىُّ (٣٠).

قَوْلُهُ: "يُصَادِفُ فِيهِ الإِدَراكَ" (٣١): يُقَالُ: أَدْرَكَت الثَّمَرَةُ: إِذَا بَلَغَتْ حَدَّ نُضْجِهَا، وَصَلُحَتْ لِلأكْلِ. وَأَصْلُ الإِدَراكَ: اللُّحُوقُ. يُقَالُ: مَشَيْتُ حَتَى أَدَرَكْتُهُ (٣٢).

قَوْلُهُ: "جِزْيَةً أَوْ صَغَارًا" (٣٣) الْجِزْيَةُ أَصْلُهَا: الْفِدَاءُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِى


(١٣) فى المهذب ١/ ١٦٩ روى عبد الله ابن عمرو بن العاص أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: "تؤخذ صدقات المسلمين عند مياههم وعند أفنيتهم".
(١٤) الصحاح (فنى) والمصباح (فنى).
(١٥) سورة التوبة آية ١٠٣.
(١٦) ما بين القوسين ساقط من ع.
(١٧) معانى الفراء ١/ ٤٥١، ومعانى الزجاج ٢/ ٥١٨.
(١٨) اللهم: ليس فى ع.
(١٩) فى المهذب ١/ ١٦٩: والمستحب أن يقول: اللهم صل على آل فلان، لما روى عبد الله بن أبى أوفى قال: جاء أبى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصدقة ماله، فقال له - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم صل على آل أبى أوفى.
(٢٠) ع: بالنبى.
(٢١) النهاية ٣/ ٥٠.
(٢٢) قال ابن الأنبارى فى حديث أبى أوفى: معناه: ترجم عليه. الزاهر ١/ ١٣٨ وانظر النهاية.
(٢٣) فى المهذب ١/ ١٦٩: وإن منع الزكاة أو غل أخذ منه الفرض وعزره على المنع والغلول.
(٢٤) ع: فى.
(٢٥) الصحاح (علل).
(٢٦) سورة آل عمران آية ١٦١: وقرىء {يَغُل} بفتح الياء وضم الغين، وهى قراءة ابن عباس وأبى عبد الله السلمى وابن كثير وأبى عمرو وعاصم وقرىء: يُغَلُّ بضم الياء وفتح الغين وهى قراءة أبى جعفر ونافع وابن عامر وحمزة والكسائى وخلف ويعقوب قال الفراء: وذلك جائز فيكون مثل قوله: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ} و {يُكَذِّبُونَكَ} أنظر معانى الفراء ١/ ٢٤٦ والكشف ١/ ٣٦٣ والمبسوط ١٧١ وتفسير القرطبى ١٤٩٦، ١٤٩٧.
(٢٧) خ: يحلف احتياطًا وفى المهذب ١/ ١٦٩: وإن قال رب المال: لم يحل الحول على المال فالقول قوله فإن رأى أن يحلفه حلفه احتياطًا.
(٢٨) فى المهذب ١/ ١٦٩: فإن نكل عن اليمين أخذت منها الزكاة.
(٢٩) ع: أبو عبيد: تحريف والمثبت من خ والصحاح؛ النقل عنه.
(٣٠) الصحاح (نكل): فى العين ٥/ ٣٧١: ونَكِلَ يَنْكَلُ تَمِيمِية وَنَكل حجازية. وانظر المصباح (نكل).
(٣١) فى المهذب ١/ ١٦٩: ويبعث السعى لزكاة الثمار والزروع فى الوقت الذى يصادف فيه الإدراك.
(٣٢) الصحاح (درك).
(٣٣) فى المهذب ١/ ١٦٩: ويستحب أن يكتب فى ماشية الزكاة: الله، أو زكاة وفى ماشية الجزية: جزية أو صغار.