للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِنْ بَابِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ

النِّيَّةُ: هِيَ الْقَصْدُ، يُقَالُ: نَوَاكَ اللهُ بِحِفْظِهِ، أَيْ: قَصَدَكَ (١)، وَنَوَيْتُ بَلَدَ كَذَا، أَيْ: عَزَمْتُ بِقَلْبِى قَصْدَهُ، وَيُقَالُ لِلْمَوْضِع الَّذِي يَقْصِدُهُ: "نِيَّةٌ" بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وَ "نِيَّةٌ" بِتَخْفِيفِهَا، وَكَذَلِكَ: الطِّيَّةُ وَالطِّيَةُ قَالَهُ ابْنُ الأعْرَابِى (٢). وَأَصْلُهَا: نَوْيَةٌ، فَلَما اجْتَمَعَتِ الْوَاوُ وَالْيَاءُ، وَسَبَقَت الْأُولَى مِنْهُمَا بِالسُّكُونِ، قُلِبَت الْوَاوُ يَاءً، وَأُدْغِمَتْ الْيَاءُ في الْبَاءِ، وَكُسِرَتْ النُّونُ، لِتَصِحَّ الْيَاءُ، (٣) (أوْ) كُسِرَتْ كَمَا كُسِرَتْ الْجِلْسَةُ والطِّيَّةُ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ بَابِ "فِعْلَةٍ" فَانْقَلَبَتْ الْوَاوُ يَاءً؛ لاِنْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا.

قَوْلُهُ: "مَحْضَةٌ (٤) " الْمَحْضُ: الْخَالِصُ مِنْ كُل شَىْءٍ، يُقَالُ: لَبَنٌ مَحْضٌ: إذَا لَمْ يُخْلَطْ فِيهِ (٥) مَاءٌ (٦).

قَوْلُهُ (٧): "عَزُبَتْ نِيَّتُهُ" أيْ: غَابَتْ وَذَهَبَتْ، قَالَ الله تَعَالَى: {لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ} (٨) أيْ: لَا يَغِيبُ وَلَا يَذْهَبُ (٩). وَقِيلَ: بَعُدَتْ (١٠). وَرَجُلٌ عَزَبٌ، أيْ: بَعِيدٌ مِنَ النَّسَاءِ (١١) وَعَزَبَت الْمَاشِيَةُ (بَعُدَتْ) (١٢) فِي طَلَبِ الْكَلَأِ.

قَوْلُهُ: "فَإنْ نَوَى الطَّهَارَةَ الْمُطْلَقَةَ (١٣) " هِيَ الَّتِى لَمْ يُقَيِّدْهَا بِشَيْءٍ كَالصَّلَاةِ، وَرَفْعِ الْحَدَثِ، وَمسِّ الْمُصْحَفِ، وَغَيْرِهَا.


(١) الأساس والصحاح (نوى) وَأَنْشَدَا:
يَا عَمْرُوا أحْسِنْ نَوَاكَ اللهِ بِالرَّشْدِ ... وَاقْرَأ سَلَامًا عَلَى الذَّلْفَاءِ بِالثَّمدِ
وهو من إنشاد الفراء على هذا المعنى. انظر اللسان (نوى ٤٥٨٩).
(٢) في اللسان: عن اللحياني وحده، وهو نادر إلا أن يكون على حذف اللام كثبة وظبة. وقال الفيومى: والتخفيف لغة حكاها الأزهري، وكانه حذفت اللام وعوض عنها لهاء على هذه اللغة كما قيل في ثبه وظبه.
(٣) خ: وكسرت. والمثبت من ع.
(٤) في المهذب ١/ ١٤: أما الطهارة عن الحدث، فهى: الوضوء والغسل والتيمم، فإنه لا يصح شىء منها إلا بالنية .. لأنها عبادة محضة.
(٥) ع: به.
(٦) في الصحاح (محض): المحض: هو اللبن الخالص، وهو الذى لم يخالطه الماء حُلْوًا عن أو حامضًا ولا يسمى اللبن محضا إلا إذا كان كذلك.
(٧) في المهذب ١/ ١٤: والأفضل أن يكون مستديما للنية فإن نوى عند غسل الوجه ثم عزبت نيته: أجزأه.
(٨) سورة سبأ آية ٣.
(٩) مجاز القرآن ٢/ ٢٤٢ وتفسير غريب القرآن ٣٥٣.
(١٠) يعنى: عزبت نيته: بعدت.
(١١) تهذيب اللغة ٢/ ١٤٧ والمحكم ١/ ٣٣١ والصحاح (عزب).
(١٢) خ: تعزب والمثبت من ع.
(١٣) في المهذب ١/ ١٥: فَإن نوى الطهارة المطلقة لم يجزه؛ لأن الطهارة قد تكون عن حدث وقد تكون عن نجس فلم تصح بنية مطلقة.