للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِنْ بَابِ النَّذْرِ

النَّذْرُ مُشْتَقٌّ مِنْ الِإنْذَارِ، وَهُوَ الِإبْلَاغُ وَالإعْلَامُ بِالأمْرِ الْمَحْوفِ، كَأنَّ النَّاذِرَ (١) يُعْلِمُ نَفْسَهُ، وَيُوْجِبُ عَلَيْهَا قُرْبَةً يَتَخَوَّفُ الِإثْمَ مِنْ تَرْكِهَا. وَالنَّذْرُ: إِيجَابُ عِبَادَةٍ فِى الذِّمَّةِ بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِ شَرْطٍ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} (٢) أَىْ: أَوْجَبْتُ.

قَوْلُهُ (٣): "فَإِنْ أَشْعَرَ بَدَنَةً" قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الِإشْعَارَ هُوَ الْعَلَامَةُ، وَأَنَّ الْبَدَنَةَ: هِىَ النَّاقَةُ السَّمِينَةُ (٤).

قَوْلُهُ: "أَوْ دَفْعَ سُوءٍ" (٥) سَاءَهُ يَسُوءُهُ: نَقِيضُ سَرَّهُ، وَفِيهِ لُغَتَانِ: فَتْحُ السِّينِ وَالْقَصْرُ، وَضَمُّهَا وَالْمَدُّ. وَالْمَفْتُوحُ يُوْصَفُ بِهِ، يُقَالُ: رَجُلُ سَوْءٍ، وَلَا يُقَالُ بِالضَّمِّ (٦). وَالسُّوءُ أيْضًا: الْمُنْكَرُ وَالْفُجُورُ، وَأَسَاءَ إِلَيْهِ ضِدُّ أحْسَنَ إِلَيْهِ، وَالسَّوءَى: نَقِيضُ الحُسْنَى (٧).

قَوْلُهُ: "فِى لَجَاجٍ وَغَضَبٍ" (٨) اللَّجَاجُ وَالْمُلَاجَّةُ (٩): التَّمَادِي فِى الْخُصُومَةِ، يُقَالُ: لَجِجْتَ تَلَجُّ لَجَاجًا وَلَجَاجَةً، وَلَجَجْتَ بِالْفَتْحِ تَلِجُّ: لُغَةٌ (١٠).

قَوْلُهُ: "قُربَانًا" (١١) الْقُرْبَانُ: مَا يُتَقَربُ بِهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، مِنَ الْقُرْبِ ضِدُّ الْبُعْدِ، زِيدَت الْألِفُ وَالنّونُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ (١٢).


(١) ع: فالناذِرُ.
(٢) سورة مريم آية ٢٦.
(٣) فى المهذب ١/ ٢٤٢: قال فى القديم: إذا أشعر بدنة أو قلدها ونوى أنها هدى أو أضحية: صارت هديا أو أضحية.
(٤) ص ١١٣.
(٥) فى المهذب ١/ ٢٤٢: فإن نذر طاعة نظرت فإن علق ذلك على إصابة خير أو دفع سوء فأصاب الخير أو دفع السوء عنه لزمه الوفاء بالنذر.
(٦) عن الصحاح (سوأ).
(٧) ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى} الروم: ١٠. وانظر معاني القرآن للفراء ٢/ ٣٢٢ وتفسير غريب القرآن ٣٤٠.
(٨) خ أو غضب. وفى المهذب ١/ ٢٤٣: وإن نذر طاعة فى لجاج وغضب بأن قال: إن كلمت فلانا فعلى كذا فكلمه فهو بالخيار.
(٩) ع: التماحك و: تحريف.
(١٠) الصحاح والمصباح (لجح) والعين ٦/ ١٩ والمحكم ٧/ ١٥١.
(١١) خ: قربان وفى المهذب ١/ ٢٤٣ يقال: أهديت له دارا وأهديت له ثوبا، وأن الجميع يسمى قربانا.
(١٢) الصحاح والمصباح (قرب).