للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِنْ بَابِ الْحَيْضِ

قَالَ الْهَرَوِيُّ (١): الحَيْضُ: اجْتِمَاعُ الدَّمِ، وَالْمَحِيضُ: الْمَكَانُ الْذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ، وَبِهِ سُمِّيَ الْحَوْضُ؛ لِاجْتِمَاع الْمَاءِ فِيهِ (٢) قَالَ فِي الشَّامِلِ (٣): ذَهبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أنَّهُ الْحَيْضُ (٤). يُقَالُ: حَاضَت الْمَرأةُ (٥) حَيْضًا وَمَحِيضًا، كَمَا يُقَالُ: سَارَ سَيْرًا ومَسِيرًا. وَيُقَالُ: بلْ هُوَ الْوَقْتُ وَالزَّمَانُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ} (٦) أَيْ: لَا تَقْرَبُوهُنَّ فِي زَمَانِ الْحَيْض (٧) وَالْمَكَانُ الْفَرْجُ، أَيْ: لَا تَقْرَبُوهُنَّ فِي الْفَرَجِ زَمَان حَيْضِهِنَّ، يُقالُ: حَاضَتِ الْمَراةُ وَتَحَيَّضَتْ وَطَمَثَتْ وَعَرَكَتْ سَوَاءٌ (٨). وَقِيلَ: سُمِّيَ حَيْضًا مِنْ قَوْلِهِمْ: حَاضَ السَّيْلُ: إذَا فَاضَ (٩). وَأَنْشَدَ الْمُبَرِّدُ لِعُمَارَةَ بْنِ عَقِيلٍ (١٠):

أجَالَتْ حَصَاهُنَّ الذَّوَارِى وَحَيَّضَتْ ... عَلَيْهِنَّ حَيْضَاتُ السِّيولِ الطَّوَاحِمِ (١١)

قَوْلُهُ (١٢): وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ هُوَ أَذًى} (١٣) الأذَى: هُوَ (١٤) الْمَكْرُوهُ الَّذِي لَيْسَ بِشَدِدٍ. قَالَ الله تَعَالَى: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى} (١٥) وَالْمَعْنَى: أنَّهُ أَذًى يُعْتَزَلُ مِنْهُ، وَلَا يَتَعَدَّى مَوْضِعَهُ إلَى غَيْرِهِ.

قَوْلُهُ (١٦): "إِذَا أَقْبَلَتِ الْحِيضَةُ" بِكَسْرِ الْحَاءِ، وَهِيَ اسْم لِلْحَالِ الدّائِمَةِ (١٧)، كَالْجِلْسَةِ وَالرَّكْبَةِ. وَأمَّا الْحَيِّضَةُ بِالْفَتْحِ، فَهِيَ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةِ (١٨). وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَيْض وَالاسْتِحَاضَةِ: أَنَّ الْحَيْضَ: الَّذِى يَأتي لأوْقَاتِ مُعْتَادَةٍ. وَدَمُ الاسْتِحَاضَةِ يَسُيلُ مِنَ الْعَاذِلِ، وَهُوَ عِرْقٌ فَمُهُ الَّذِى يَسِيلُ مِنْهُ فِي أدْنَى الرَّحِمِ دُونَ قَعْرهِ، ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ (١٩).


(١) في الغريبين ١/ ٢٧٢.
(٢) وانظر تهذيب اللغة ٥/ ١٥٩ وشرح ألفاظ المختصر لوحة ١٨.
(٣) .......................
(٤) ع: إلى أن المحيض: الحيض.
(٥) المرأة: ساقط من ع.
(٦) سورة البقرة آية ٢٢٢ ولا تقربهنَّ: ليس في ع.
(٧) ع: حيضهن،، انظر معانى الزجاج ١/ ٢٨٩ والعين ٣/ ٢٧٧ وتهذيب اللغة ٥/ ١٥٩ والمحكم ٣/ ٣٢٠ والكتاب ٤/ ٨٨.
(٨) الغريبين ١/ ٢٧٢.
(٩) عبارة الأزهري: وأصله: من قولك: حاض السيل وفاض: إذا سال. شرح ألفاظ المختصر لوحة ١٨.
(١٠) قال الأزهرى: أخبرنى المنذرى عن المبرد أنّه أنشده لعمارة بن عقيل. . . شرح ألفاظ المختصر لوحة ١٨ وتهذيب اللغة ٥/ ١٥٩.
(١١) الذوارى: الرياح التى تذرو التراب والطواحم: جمع طاحم: السيول العالية. وحيضت: سيلت وحيضات: السيول: ما سال منها.
(١٢) قوله: ليس في ع.
(١٣) سورة البقرة آية ٢٢٢.
(١٤) هو ليس في ع.
(١٥) سورة آل عمران آية ١١١. وانظر معانى الزجاج ١/ ٢٩٠ وتفسير غريب القرآن ١٠٨.
(١٦) في المهذب ١/ ٣٨: ويحرم عليها الصلاة؛ ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أقبلت الحيضة فدعى الصّلاة" والحديث في صحيح الترمذي ١/ ٣٩١ وسنن النسائي ١/ ١١٧، ١٨٦ ومعالم السنن ١/ ٨٧.
(١٧) ع: الدائم.
(١٨) كذا في غريب الخطابي ٣/ ٢٢٠ وتهذب اللغة ٥/ ١٩٥ والنهاية ١/ ٤٦٨، ٤٦٩ والصحاح، والمصباح والمغرب (حيض) واللسان (حيض ١٠٧١).
(١٩) ما سبق في الفرق عن الأزهري في شرح ألفاظ المختصر لوحة ١٨.