للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك فترة طويلة، واكتسب أموالًا كثيرة، وصاحب أعيان الدولة، فهرب منه الذين قتلوا أباه. وتوفى سنة (٧٠٩ هـ).

وذكر البهاء الجندي (٥٢) أيضًا ولدا له يسمى إسحاق، ولم يذكر هو ولا غيره من المترجمين شيئًا عنه يستحق الذكر.

كما ذكر الجندى في ترجمة الإمام عمر بن سالم أنه قدم عليهم الجند، فأخذ الإمام عمر عن الجندي كتاب الأربعين للإمام بطال بروايتها له عن التهامى بن بطال مصنفها (٥٣).

ومما ذكر نتبين أن الإمام بطال كان ذا أثر كبير في الحياة العلمية في اليمن، فحين تصدى للتدريس قصده العلماء وطلاب العلم من مختلف الأنحاء اليمنية، كما صحبه أئمة أجلاء رووا عنه مصنفاته وأخذوا عنه، وأجازهم في رواية هذه المصنفات، التى اشتهرت وانتشرت على أيديهم في شتى الأقطار، كما كان في ذريته من أبناء وأحفاد من حمل لواء العلم بعده، فأخذ عنهم العلماء مصنفاته، وانتفع به وبذريته خلق كثير.

وكان علماء عصره يتباهون برواية مصنفاته، فيقول الجندى (٥٤) عن كتابه: الأحاديث الحسان والصحاح الجامعة لما يستحب درسه عند المساء والصباح: "بيني وبينه بروايتها رجلان".

[ثناء العلماء عليه]

سأل عنه البهاء الجندى (٥٥)، فأنشدوا فيه:-

وَمَا سُمِّيَتْ سَوْدَاءَ وَالعِرْضُ شَائِنٌ ... وَلكِنَّهَا أُمُّ الْمَحَاسِنِ أَجْمَعَا

وقال: "أتقن القراءات، والنحو، والفقه، والحديث، واللغة. . قصده طلبة العلم من جميع أنحاء اليمن، وجمعت حلقة تدريسه فوق ستين طالبا، يقوم بالمنقطع منهم .. وكتابه المعروف بالمستعذب يدل على ذلك. وأثنى على عائلته قائلًا: البيت الذى قد ظهر فيه الفضل، وانتفع الناس بتصنيف أهله، وانتشر عنهم الفقه انتشارًا مرضيًا: بنو بطال، أولهم جدهم أبو عبد الله محمد بطال بن أحمد".

وقال فيه وفي ذريته بعض علماء عصره (٥٦): أما الفقيه محمد الملقب ببطال، ومن اليه، فهم -ولله دره- في جيد المحاسن، ووسط قلادة بعدت عن المشاين، ووجوههم للصباحة، وألسنتهم للفصاحة، وأيديهم للمسامحة، وعقولهم للرجاحة، فهم بدور المحافل إذا جمعت، وشمس الضحى ما ارتفعت.

ونعته أبو مخرمة (٥٧) قائلاً: أوحد العلماء المشهورين، والفضلاء المذكورين، جمع بين العلم والعبادة والورع والزهادة، فما أحقه بقول القائل:-

وَمَا سُمِّيَتْ سَوْدَاءَ وَالْعِرْضُ شَائِنٌ ... وَلَكِنَّهَا أُمُّ الْمَحَاسِنِ أَجمَعَا

كان إمامًا فاضلاً متقنًا عارفًا بالقراءات، والتفسير، والأصول، والفقه، والنحو، واللغة، وبه تخرج جماعة من الفقهاء، وأخذ عنهم جماعة من الفضلاء.


(٥٢) في السلوك بالرقم السابق.
(٥٣) العقود اللؤلؤية ١/ ٣٩١.
(٥٤) العقود اللؤلؤية ٢/ ٤٣٠.
(٥٥) السلوك ٢/ ٤٢٧.
(٥٦) السابق ٢/ ٤٣٨.
(٥٧) تاريخ ثغر عدن ٢/ ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>