للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١١٤) أبو العباس عن ابن الأعرابى: هنأنى وأهنأنى ومرأنى وأمرأنى (١٢٠) وجرت الصبى وأوجرته بمعنى (١٧٤).

[فعل وأفعل باختلاف معنى]

يقال: خفرت الرجل أخفره بالكسر خفرًا: إذا أجرته، وكنت له خفيرا تمنعه، وأخفرته: إذا نقضت عهده، وغدرت به (١٨٢) ويقال سقيته لشفته، وأسقيته لماشيته وأرضه (١١٩) شعر بالشيء: إذا علمه، وأشعر الهدى، أى: جعل له علامة يعرف بها (٥٧) فَرَطَ بالتخفيف: إذا تقدم، وأفرط: إذا جاوز الحد (١٥٩) نشطت الحبل: عقدته أنشوطة، وأنشطه: حللته (٢٠١).

وبمقارنة ما ذكره ابن بطال في هاتين الصيغتين بمعنى وباختلاف معنى، تحقق ما ذهب إليه، فمثلا ما نص عليه في صيغتى خلف وأخلف أكده كثير من اللغويين وفي مقدمتهم الزجاج في فعلت وأفعلت (١) والجواليقى (٢) والفارابي (٣) والجوهري (٤) والزمخشري (٥) وهو الذى تابعه المصنف فنقل عنه نص عبارته.

وفي صيغتى سجد وأسجد اختار الركبي كونهما بمعنى، غير أن المشهور أنهما مختلفان في المعنى، فقد وضعهما الزجاج في فعل وأفعل والمعنى مختلف، وقال: سجد الرجل من السجود، وأسجد إسجادا: إذا طأطأ رأسه وانقاد (٦) وهذا ما ذكره ابن السكيت حيث فرق بينهما، فوضع أسجد بإزاء فتور النظر والتطا من والانحناء، وجعل سجد لوضع الجبهة بالأرض (٧)، وقرر ذلك السرقسطى في أفعاله (٨) وابن الأثير في النهاية (٩) وكل من ذهب إلى اختلافهما في المعنى، ومن ذهب إلى اتفاقهما في المعنى، ينشد على مذهبه قول حميد بن ثور:

فضول أزمتها أسجدت ... سجود النصارى لأربابها

وليس من العسير لمح الصلة بين الانحناء والتطامن وفتور الطرف، ووضع الجبهة في الأرض عند السجود وما يلزمه من الانحناء، مما يقرب المعنى بينهما، أو يجعله واحدًا. ولهذا قال ابن حمزة الأصبهاني تعليقا على قول ابن السكيت وإنشاده لبيت حميد، وبيت كثير:

أغرك منا أن ذُلَّكِ عندنا ... وإسجاد عينيك الصيودين رابح

قال (١٠): وهذا أيضًا، يقال على فَعَل وأفْعَلَ بمعنى، ولولا ذلك للزم حميدا أن يقول: إسجاد النصارى ولكنه لما كان يقال: سجد وأسجد بمعنى، قال: سجود النصارى.

ولهذا، ولما هو ظاهر من المعنى: اختار الركبي كونهما بمعنى واحد. وقد كان تناوله لهاتين الصيغتين مشاكلا لموقف أصحاب التنقية اللغوية، الذين لا يثبتون في اللغة سوى المجمع على صحته، وفي مقدمتهم الأصمعى الذى كان كثيرا ماينكر صيغة أفعل أو يصفها بالرداءة، وكان الجوهرى ممن يعتنقون هذا المذهب، والتزامه بما أثبته في صحاحه شاهد لهذا، وكان ابن بطال يتابع الجوهرى فيما ذكره في صيغتى فعل وأفعل ومن ثم


(١) ص ٣١، ٣٢.
(٢) في ما جاء على فعلت وأفعلت ٣٧.
(٣) في ديوان الأدب ٢/ ٣١٤.
(٤) في الصحاح (خلف).
(٥) في الفائق ١/ ٣٨٧.
(٦) فعلت وأفعلت ٥١.
(٧) إصلاح المنطق ٢٤٧.
(٨) ٣/ ٥٠٤.
(٩) ٢/ ٢٤٢.
(١٠) في التنبيهات ٢٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>