قلت: وقد ذكر شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى عن الحنفية أنهم قالوا: لا يجوز الأكل والشرب والادهان والتطيب في آنية الذهب والفضة للرجال والنساء للنصوص، ولأنه تشبه بزي المشركين وتنعم بتنعم المترفين والمسرفين انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر أيضا نقل ابن المنذر الإجماع على تحريم الشرب في آنية الذهب والفضة إلا عن معاوية بن قرة أحد التابعين فكأنه لم يبلغه النهي عن الشافعي في القديم ونص في الجديد على التحريم ومن أصحابه من قطع به عنه وهذا اللائق به لثبوت الوعيد عليه بالنار.
وذكر الحافظ أيضا أن الشافعي نص على تحريم اتخاذ الإناء من الذهب أو الفضة.
قال الحافظ: وإذا حرم الاتخاذ فتحريم الاستعمال أولى.
وقال الحافظ أيضا اختلف في اتخاذ الأواني دون استعمالها والأشهر المنع وهو قول الجمهور ورخصت فيه طائفة وهو مبني على العلة في منع الاستعمال انتهى.
وقد ذكر العلماء لمنع الاستعمال عللاً كثيرةً ومن أقواها علتان: كل واحدة منهما تفيد تحريم الاتخاذ من غير استعمال؛ لأن المعنى الذي حرم الاستعمال من أجله موجود في الاتخاذ أيضا فكان حكمه حكم الاستعمال، ولأن الاتخاذ وسيلة في الاستعمال والوسائل لها حكم المقاصد.
العلة الأولى: السرف والخيلاء وكسر قلوب الفقراء وهذه العلة هي المشهورة عند كثير من الفقهاء من الحنابلة وغيرهم.