وقصة ابن أبي ذئب التي أشار إليها الشيخ قد ذكرت له مع المهدي وأنه لما حج دخل مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يبق أحد إلا قام إلا ابن أبي ذئب فقال له المسيب بن زهير: قم هذا أمير المؤمنين فقال ابن أبي ذئب: إنما يقوم الناس لرب العالمين، فقال المهدي: دعه فلقد قامت كل شعرة في رأسي. ذكره الخطيب في تاريخه.
وقد سئل الشيخ أيضًا عن النهوض الذي يعده الناس من الإكرام والاحترام عند قدوم شخص معتبر هل يجوز أم لا؟ وإذا كان يغلب على ظن المتقاعد عن ذلك أن القادم يخجل أو يتأذى باطنه وربما أدى ذلك إلى بغض ومقت وعداوة.
فأجاب -رحمه الله تعالى-: لم يكن من عادة السلف على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الراشدين أن يعتادوا القيام للداخل المسلم كما يردون عليه السلام كما يعتاد كثير من الناس بل قد قال أنس بن مالك رضي الله عنه: لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهته لذلك. ولكن ربما قاموا للقادم من مغيبه تلقيا له، كما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قام لعكرمة. وقال للأنصار لما قدم سعد ابن معاذ قوموا إلى سيدكم, وكان سعد متمرضًا بالمدينة وكان قد قدم إلى بني قريظة شرقي المدينة.
والذي ينبغي للناس أن يعتادوا ما كان السلف عليه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنهم خير القرون وخير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد فلا يعدل أحد عن هدي خير الخلق وهدي خير القرون إلى ما دونه وينبغي للمطاع أن يقرر ذلك مع أصحابه بحيث إذا رأوه لم يقوموا