وفي مسند الحسن بن سفيان وسنن ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«ليأكل أحدكم بيمينه ويشرب بيمنه وليأخذ بيمينه وليعط بيمينه فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ويعطي بشماله ويأخذ بشماله».
وقد دلت هذه الأحاديث على المنع من الأكل والشرب بالشمال وظاهرها يدل على التحريم كما ذهب إليه ابن عبد البر وابن حزم وغيرهما وهذا إذا لم يكن عذر فإن كان عذر يمنع الأكل والشرب باليمن من مرض أو جراحة أو غير ذلك فلا كراهة في الشمال نبه على ذلك النووي في شرح مسلم.
وعلة المنع من الأكل والشرب بالشمال ما فيه من التشبه بالشيطان كما هو مصرح به في حديث ابن عمر رضي الله عنهما وما بعده من الأحاديث.
وللمنع علة أخرى وهي مشاركة الشيطان للآكل بشماله والشارب بشماله كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا:«من أكل بشماله أكل معه الشيطان ومن شرب بشماله شرب معه الشيطان» قال الحافظ ابن حجر: إسناده حسن.
وللمنع أيضًا علة ثالثة وهي الكبر ولهذا يكون الأكل والشرب بالشمال في المتكبرين والمتجبرين أكثر منه في غيرهم.
وقد روى مسلم في صحيحه عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن رجلا أكل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشماله فقال:«كل بيمنك» قال: لا أستطيع قال: «لا استطعت ما منعه إلا الكبر» فما رفعها إلى فيه.