والنساء والأمتعة فليس هو أولى به من غيره فافترص السفلة ذلك واغتنموا وكاتفوا مزدك وأصحابه وشايعوهم فابتلي الناس بهم وقوي أمرهم حتى كانوا يدخلون على الرجل في داره فيغلبونه على منزله ونسائه وأمواله لا يستطيع الامتناع منهم وحملوا قباذ على تزيين ذلك وتوعدوه بخلعه فلم يلبثوا إلا قليلا حتى صاروا لا يعرف الرجل منهم ولده ولا المولود أباه، ولا يملك الرجل شيئا مما يتسع به وصيروا قباذ في مكان لا يصل إليه أحد سواهم وجعلوا أخا له يقال له جاماسب مكانه وقالوا لقباذ: إنك قد أثمت فيما عملت به فيما مضى وليس يطهرك من ذلك إلا إباحة نسائك وأرادوه أن يدفع إليهم نفسه ويجعلوه قربانا للنار فلما رأى ذلك زرمهر بن سوخرا خرج بمن شايعه من الأشراف باذلا نفسه فقتل من المزدكية ناسًا كثيرًا وأعاد قباذ إلى ملكه وطرح أخاه جاماسب ثم لم تزل المزدكية بعد ذلك يحرشون قباذ على زرمهر حتى قتله ولم يزل قباذ من خيار ملوكهم حتى حمله مزدك على ما حمله عليه فانتثرت الأطراف وفسدت الثغور.
وذكر ابن جرير أن كسرى أنوشروان كتب إلى رعيته كتابا يحذرهم فيه مما دعا إليه مزدك ويذكر أنها ملة رجل منافق من أهل فسا يقال له زرادشت بن خركان ابتدعها في المجوسية فتابعه الناس على بدعته تلك وفاق أمره فيها. قال كسرى وكان ممن دعا العامة إليها رجل من أهل مذرية يقال له مزدق بن بامدا وكان مما أمر به الناس وزينه لهم وحثهم عليه التآسي في أموالهم وأهليهم وذكر أن ذلك من البر الذي يرضاه الله ويثيب عليه أحسن الثواب، وأنه لو لم يكن الذي أمرهم به وحثهم عليه من الدين كان مكرمة في الفعال، ورضا في التفاوض فحض بذلك السفلة على العلية واختلط له أجناس اللؤماء بعناصر الكرماء وسهل